اصل نظام خانواده، دولت و مالکیت خصوصی

فريدريك إنجلز d. 1375 AH
46

اصل نظام خانواده، دولت و مالکیت خصوصی

أصل نظام الأسرة والدولة والملكية الفردية

ژانرها

وقد رأينا أن وجود سلطة عامة منفصلة عن الشعب هي خاصية أساسية للدولة، وفي ذلك الوقت لم تكن أثينا تملك إلا قوة مسلحة وبحرية مزودة بالرجال من الشعب رأسا. وكان ذلك يضمن لها الحماية ضد الأعداء الخارجيين ويحتفظ بالعبيد تحت السيطرة، وقد كان العبيد في ذلك الوقت يكونون الأغلبية الكبرى من السكان. وبالنسبة للمواطنين وجدت هذه القوة العامة أولا في شكل قوة بوليسية كانت قديمة بقدم الدولة، ففي نفس الوقت الذي أنشأ فيه الأثينيون دولتهم أنشئوا قوة بوليسية، بوليس حقيقي من المشاة والخيالة المسلحين. وكانت هذه القوة البوليسية مكونة من العبيد. وكان الأثيني يعتبر الخدمة في البوليس عملا مهينا؛ ولذلك كان يفضل العبد المسلح أن يقبض عليه من أن يقوم بهذا العمل المخزي بنفسه، وكان ذلك تعبيرا عن العقلية القبلية القديمة. ولم تكن الدولة تستطيع أن توجد دون قوة بوليسية، ولكنها كانت دولة لا تزال فتية فلم تستطع أن تضمن لنفسها بعض الاحترام الكافي الذي يأخذ مكانه في وضع كان كريها بالنسبة للحياة القبلية القديمة.

أما تلاؤم هذه الدولة التي اكتمل الآن شكلها الخارجي الأساسي مع الظروف الاجتماعية الجديدة للأثينيين فيتضح من النمو السريع للثروة والتجارة والصناعة. وأما الصراع الطبقي الذي كان يرتكز عليه النظام الاجتماعي والسياسي فلم يعد بين النبلاء والعامة، وإنما بين العبيد والأحرار وبين التابعين والمواطنين. وعندما كانت أثينا في قمة ازدهارها كان العدد الكلي للمواطنين الأحرار - بما في ذلك النساء والأطفال - حوالي تسعين ألفا. وكان عدد العبيد من الجنسين حوالي ثلاثمائة وخمسة وستين ألفا. وكان عدد التابعين، أي المهاجرين والعبيد المعتقين، خمسة وأربعين ألفا. وعلى ذلك فقد كان هناك ثمانية عشر عبدا على الأقل في المتوسط لكل مواطن بالغ من الذكور واثنين من التابعين. وقد كان هذا العدد الكبير من العبيد يعمل في المصانع الواسعة تحت رقابة المديرين. ومع نمو التجارة والصناعة ازداد تركيز الثروة في أيد قليلة، وافتقرت كتلة المواطنين الأحرار، وكان عليها أن تختار بين الاشتغال بالحرف اليدوية ومنافسة عمل العبيد (الذي كان يعتبر مهينا كما كان قليل الربح)، أو أن تختار الفقر المدقع. وفي ظل الظروف الموجودة اختارت المحل الثاني، وحيث إن هذه الجماهير كانت الأغلبية فقد جرت معها كل الدولة الأثينية إلى الحضيض. ولم تكن الديمقراطية هي سبب انهيار أثينا كما يحاول المدرسون الأوربيون الراكعون أمام الملوك أن يوهمونا، ولكن السبب كان الرق الذي حط من شأن عمل المواطنين الأحرار.

ويعتبر قيام الدولة عند الأثينيين المثل الحي لجهاز الدولة على العموم؛ لأنه أخذ مكانه بشكل خالص دون تدخل العنف الداخلي أو الخارجي (مع استثناء فترة الاغتصاب القصيرة التي قام بها بيسيسراتس ولم تترك وراءها أثرا). ومن ناحية أخرى كانت الدولة الأثينية تمثل قيام شكل مكتمل النمو للدولة هو الجمهورية الديموقراطية التي نبعت مباشرة من المجتمع القبلي، كما تعود أهمية هذا الشكل من الدولة إلى أننا مزودون بالتفصيلات الكافية عنه.

الفصل السادس

السلالة والدولة في روما

طبقا لما جاء بالأسطورة الخاصة بتأسيس روما، تم الاستقرار الأول عن طريق عدد من الفروع اللاتينية (وعددها مائة كما تقول الأسطورة) توحدت في قبيلة واحدة. وتقول الأسطورة أيضا إن قبيلة

Sabellibn

المكونة بدورها من مائة فرع أعقبتها، وأخيرا أعقبتهما قبيلة ثالثة من عناصر مختلفة عددها أيضا مائة. ويظهر من الأسطورة لأول وهلة أن السلالة وحدها هي التي كانت مكونة تكوينا طبيعيا، وأن السلالة نفسها في حالات كثيرة كانت مجرد فرع من سلالة أم موجودة في موطنها الأصلي. وكانت القبائل مكونة بطريقة صناعية، ورغم ذلك كانت في معظمها مكونة من عناصر متصلة بصلة القرابة، وليس من المستبعد أن قبيلة قديمة كانت نواة هذه القبائل الثلاث. وكانت الأخوة لدى الرومان تشمل عشرة فروع في كل قبيلة، وكانت تسمى

Curia ؛ وعلى ذلك كان هناك ثلاثون أخوة.

ومن الحقائق المسلم بها أن السلالة الرومانية كانت نظاما مماثلا للسلالة الإغريقية، وحيث إن السلالة الإغريقية كانت تنظيما أساسيا للوحدة الاجتماعية التي كان شكلها البدائي هو السائد لدى الهنود الحمر بأمريكا، فكذلك كانت السلالة الرومانية، ويمكن لذلك أن نتناولها باختصار.

صفحه نامشخص