فعر الدب وقال: وكيف ترضى بأولاد من هذا الشكل؟!
فأجابه القرد: المهم أيها الرفيق ألا نفكر نحن بالرجوع إلى وراء، كل أنبياء الناس ورسلهم الأطهار ما هذبوهم فلا تترجوا أنتم الخير من المذاهب والطائفية، ما هي إلا سلم لبعض الأفراد ليركبوا على ظهوركم.
وانحدر عن المنبر الشاهق بين طقطقة الحوافر والنهيق، فغاظت الأسد همرجتهم، فأسكتهم بزمجرة اقشعر لها جلد الوادي، وكان سكوت أرهب من ظلمة الكسوف التام.
وأقعى القرد المحنك على صفة، فشقت عجوزه الجموع وصافحته مهنئة قائلة: لا تصدق يا ابن عمي كلام الناس، ما انحلت مشكلتهم «فوق» فجاؤوا يحلونها في مغارتنا، مساكين البشر ما قتلهم إلا ربهم الذي علم موسى المكائد والحيل، فضر أولاده جميعا، نحن لا نعمل مثله، لا نعلم أولادنا حتى يتحرشوا بإخوتهم ويقاتلوهم، ولا نقول لهذا غير ما قلناه لهذاك.
فجمجم السامعون وكان كلام لم أتبينه لأنقله إليك.
وظلوا مطرقين حيارى حتى ظهرت بينهم السعلاة فجأة، فاستغربوا حضورها وهي غير مدعوة. أما هي فحيت المحفل بحني الرأس وقالت: سعادتكم في تقسيم أراضيكم ، قسموها تستريحوا من التناحر، كل الخير في القسمة.
فصاح الغول: اسكتي يا مرا، كيف جئت إلى هنا؟! لا تصدقوها يا إخوان، هذه مرأة عقلها محدود، ما أراحت القسمة الناس، كل أموالهم واقفة على الحدود، وطائرة في الجو، وسابحة في البحر، الأحسن أن تظلوا هكذا، كل واحد وشطارته، فأضعف الطير وأحقر الحيوانات تشارك الملوك في قصورهم وأبراجهم حتى معاجنهم.
لا تصيروا مثل الناس طوائف وشيعا يبغض الجار جاره ليتبع رجلا «غريبا» لا يعرف قرعة أبيه، لا، لا، لا، أكبر غلط، اخترعوا مثلهم واستريحوا.
فنهض كثيرون للرد، فقال الفرس: دستوركم يا جماعة الخير، الجواب عندي، يا حضرة الغول العظيم، جلالتك لا تعرف ضرر الاختراعات ولا تحس بها، اسمح لي أذكرك بواحد فقط، يتأبط شرا، أما كان قتلك قبل الاختراعات؟ فماذا تعمل اليوم لو لاقاك واحد مثله؟
مثله؟ أصبع واحدة من اختراعاتهم تطحطح ألف غول، اسأل من وصل الموسي إلى ذقنه، ما أهلكنا وقلل قيمتنا وقطع رزقنا ورزق الناس إلا الاختراعات.
صفحه نامشخص