الأشباه والنظائر

جلال الدین سیوطی d. 911 AH
78

الأشباه والنظائر

الأشباه والنظائر

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۰۳ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

قواعد فقه
وَفِي شَرْعِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الدِّيَةُ وَلَا قِصَاصَ. وَمِنْهُ: مَشْرُوعِيَّةُ الْكِتَابَةِ، لِيَتَخَلَّصَ الْعَبْدُ مِنْ دَوَامِ الرِّقِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُسْرِ، فَيُرَغَّبُ السَّيِّدُ الَّذِي لَا يَسْمَحُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا، بِمَا يُبْذَلُ لَهُ مِنْ النُّجُومِ. وَمِنْهُ: مَشْرُوعِيَّةُ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِيَتَدَارَكَ الْإِنْسَانُ مَا فَرَطَ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَفُسِحَ لَهُ فِي الثُّلُثِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْوَرَثَةِ، فَحَصَلَ التَّيْسِيرُ وَدَفْعُ الْمَشَقَّةِ فِي الْجَانِبَيْنِ وَمِنْهُ: إسْقَاطُ الْإِثْمِ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْخَطَأِ وَالتَّيْسِيرُ عَلَيْهِمْ بِالِاكْتِفَاءِ بِالظَّنِّ وَلَوْ كُلِّفُوا الْأَخْذَ بِالْيَقِينِ لَشَقَّ وَعَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ. فَقَدْ بَانَ بِهَذَا أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ يَرْجِعُ إلَيْهَا غَالِبُ أَبْوَابِ الْفِقْهِ. السَّبَبُ السَّابِعُ: النَّقْصُ فَإِنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَشَقَّةِ إذْ النُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْكَمَالِ، فَنَاسَبَهُ التَّخْفِيفُ فِي التَّكْلِيفَاتِ. فَمِنْ ذَلِكَ: عَدَمُ تَكْلِيفِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَعَدَمُ تَكْلِيفِ النِّسَاءِ بِكَثِيرٍ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ: كَالْجَمَاعَةِ، وَالْجُمُعَةِ، وَالْجِهَادِ وَالْجِزْيَةِ، وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِبَاحَةِ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَحِلِّ الذَّهَبِ، وَعَدَمُ تَكْلِيفِ الْأَرِقَّاءِ بِكَثِيرٍ، مِمَّا عَلَى الْأَحْرَارِ، كَكَوْنِهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ فِي الْحُدُودِ وَالْعِدَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ الرَّابِعِ. [فَوَائِدُ مُهِمَّةُ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير] وَهَذِهِ فَوَائِدُ مُهِمَّةُ نَخْتِمُ بِهَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى فِي ضَبْطِ الْمَشَاقِّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّخْفِيفِ. الْمَشَاقُّ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَشَقَّةٌ لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَةُ غَالِبًا، كَمَشَقَّةِ الْبَرْدِ فِي الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ. وَمَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَطُولِ النَّهَارِ وَمَشَقَّةِ السَّفَرِ، الَّتِي لَا انْفِكَاكَ لِلْحَجِّ وَالْجِهَادِ عَنْهَا. وَمَشَقَّةِ أَلَمِ الْحُدُودِ، وَرَجْمِ الزُّنَاةِ، وَقَتْلِ الْجُنَاةِ، فَلَا أَثَر لِهَذِهِ فِي إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ. وَمَنْ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ لِلْخَوْفِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ فَلَمْ يُصِبْ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُخَافَ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ حُصُولُ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَهَذَا أَمْرٌ يَنْفَكُّ عَنْهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْغَالِبِ، أَمَّا أَلَمُ الْبَرْدِ الَّذِي لَا يُخَافُ مَعَهُ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ، فَلَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِحَالٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يُبِيحُ الِانْتِقَالَ إلَى التَّيَمُّمِ. وَأَمَّا الْمَشَقَّةُ الَّتِي لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا الْعِبَادَاتُ غَالِبًا، فَعَلَى مَرَاتِبَ: الْأُولَى: مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَادِحَةٌ: كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ، وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِع الْأَعْضَاءِ فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِلتَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ قَطْعًا لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ، وَالْأَطْرَافِ

1 / 80