الأشباه والنظائر

جلال الدین سیوطی d. 911 AH
24

الأشباه والنظائر

الأشباه والنظائر

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۰۳ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

قواعد فقه
وَيُفَرَّق بِأَنَّ الطَّلَاق مُسْتَقِلّ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْبَيْع وَنَحْوه. وَمِنْ ذَلِكَ الْوُضُوء وَالْغُسْل، فَيُسْتَحَبّ اقْتِرَان النِّيَّة فِيهِمَا بِالتَّسْمِيَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَعِبَارَته فِي بَاب الْغُسْل: وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَة، وَلَمْ يَسْتَحْضِرهُ الْإِسْنَوِيُّ فَنَقَلَهُ عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ، وَعِبَارَته: وَالْأَوْلَى أَنْ تُقَارِنَهَا النِّيَّةُ ; لِأَنَّ تَقْدِيم النِّيَّة عَلَيْهَا يُؤَدِّي إلَى خُلُوّ بَعْض الْفَرَائِض عَنْ التَّسْمِيَة، وَالْعَكْس يُؤَدِّي إلَى خُلُوّ بَعْض السُّنَن عَنْ النِّيَّة. وَمِنْ ذَلِكَ: الْإِحْرَام، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمُقَارَنَةِ النِّيَّةِ التَّلْبِيَةَ وَهُوَ ظَاهِر، كَمَا يُفْهَم مِنْ كَلَامهمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ: الطَّوَاف، وَيَنْبَغِي اقْتِرَان نِيَّته بِقَوْلِهِ " بِسْمِ اللَّه وَاَللَّه أَكْبَر ". وَمِنْ ذَلِكَ: الْخُطْبَة، إنْ أَوْجَبْنَا نِيَّتهَا، وَالظَّاهِر وُجُوب اقْتِرَانهَا بِقَوْلِهِ " الْحَمْد لِلَّهِ " لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ. التَّنْبِيه الثَّانِي: قَدْ يَكُون لِلْعِبَادَةِ أَوَّل حَقِيقِيّ، وَأَوَّل نِسْبِيّ، فَيَجِب اقْتِرَان النِّيَّة بِهِمَا. مِنْ ذَلِكَ: التَّيَمُّم، فَيَجِب اقْتِرَان نِيَّته بِالنَّقْلِ ; لِأَنَّهُ أَوَّل الْمَفْعُول مِنْ أَرْكَانه، وَبِمَسْحِ الْوَجْه ; لِأَنَّهُ أَوَّل الْأَرْكَان الْمَقْصُودَة، وَالنَّقْل وَسِيلَة إلَيْهِ. وَمِنْ ذَلِكَ: الْوُضُوء وَالْغُسْل، فَيَجِب لِلصِّحَّةِ اقْتِرَان نِيَّتهمَا بِأَوَّلِ مَغْسُول مِنْ الْوَجْه وَالْبَدَنِ، وَيَجِب لِلثَّوَابِ اقْتِرَانهمَا بِأَوَّلِ السُّنَن السَّابِقَة، لِيُثَابَ عَلَيْهَا، فَلَوْ لَمْ يَفْعَل لَمْ يُثَبْ عَلَيْهَا فِي الْأَصَحّ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا. وَفِي نَظِيره مِنْ الصَّوْم: لَوْ نَوَى أَثْنَاء النَّهَار حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ الصَّوْم مِنْ أَوَّله، وَخَرَجَ مِنْهُ وَجْه فِي الْوُضُوء ; لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ طَهَارَةٍ مَنْوِيَّةٍ، وَلَكِنْ فُرِّقَ بِأَنَّ الصَّوْم خَصْلَة وَاحِدَة فَإِذَا صَحَّ بَعْضهَا صَحَّ كُلّهَا، وَالْوُضُوء أَفْعَال مُتَغَايِرَة، فَالِانْعِطَاف فِيهَا بَعِيدٌ، وَبِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاط لِصِحَّةِ الْوُضُوء بِمَا قَبْله، بِخِلَافِ إمْسَاك أَوَّل النَّهَار. وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَنْ أَكَلَ بَعْض الْأُضْحِيَّة وَتَصَدَّقَ بِبَعْضِهَا، هَلْ يُثَاب عَلَى الْكُلِّ أَوْ عَلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ؟ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَال: لَهُ ثَوَابُ التَّضْحِيَةِ بِالْكُلِّ وَالتَّصَدُّق بِالْبَعْضِ. وَمِنْ نَظَائِر ذَلِكَ: نِيَّة الْجَمَاعَة فِي الْأَثْنَاء، أَمَّا فِي أَثْنَاء صَلَاة الْإِمَام وَفِي أَوَّل صَلَاة الْمَأْمُوم فَلَا شَكَّ فِي حُصُول الْفَضِيلَة، لَكِنْ هَلْ هِيَ فَضِيلَة الْجَمَاعَة الْكَامِلَة أَوْ لَا؟ سَيَأْتِي تَحْرِيرُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَقَدْ عَادَتْ النِّيَّةُ بِالِانْعِطَافِ، وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُ شُرَّاح الْحَدِيث. وَأَمَّا فِي أَثْنَاء صَلَاة الْمَأْمُوم، فَإِنَّ الصَّلَاة تَصِحّ فِي الْأَظْهَر، لَكِنْ تُكْرَه

1 / 26