الأشباه والنظائر

جلال الدین سیوطی d. 911 AH
23

الأشباه والنظائر

الأشباه والنظائر

ناشر

دار الكتب العلمية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۰۳ ه.ق

محل انتشار

بيروت

ژانرها

قواعد فقه
تَنْبِيهَات الْأَوَّل: مَا أَوَّله مِنْ الْعِبَادَات ذِكْرٌ، وَجَبَ اقْتِرَانهَا بِكُلِّ اللَّفْظ. وَقِيلَ: يَكْفِي بِأَوَّلِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاة. وَمَعْنَى اقْتِرَانهَا بِكُلِّ التَّكْبِير: أَنْ يُوجَد جَمِيع النِّيَّة الْمُعْتَبَرَة عِنْد كُلّ حَرْف مِنْهُ، وَمَعْنَى الِاكْتِفَاء بِأَوَّلِهِ: أَنَّهُ لَا يَجِب اسْتِصْحَابهَا إلَى آخِره، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ. وَنَظِير ذَلِكَ: نِيَّة كِنَايَة الطَّلَاق. وَفِيهَا الْوَجْهَانِ، قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ: وَشَرْط نِيَّة الْكِنَايَة اقْتِرَانهَا بِكُلِّ اللَّفْظ، وَقِيلَ: يَكْفِي بِأَوَّلِهِ، وَرَجَّحَ فِي أَصْل الرَّوْضَةِ خِلَافهمَا فَقَالَ: وَلَوْ اقْتَرَنَتْ بِأَوَّلِ اللَّفْظ دُون آخِره، أَوْ عَكْسه طَلُقَتْ فِي الْأَصَحّ. وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ: نَقَلَ تَرْجِيح الْوُقُوعِ فِي اقْتِرَانِهَا بِأَوَّلِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ. قَالَ: وَسَكَتَا عَنْ التَّرْجِيحِ فِي اقْتِرَانِهَا بِآخِرِهِ خَاصَّة. وَهُوَ يُشْعِر بِأَنَّهُمَا رَأَيَا فِيهِ الْبُطْلَان. وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: فِي الْأُولَى الْأَظْهَر الْوُقُوع، وَمَيْل الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ إلَى تَرْجِيح عَدَمه، ثُمَّ حَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي: أَنَّهُ قَرَّبَ الْخِلَاف فِي الْأُولَى مِنْ الْخِلَاف فِيمَا إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّة الصَّلَاة بِأَوَّلِ التَّكْبِير، دُون آخِره، وَالْخِلَاف فِي الثَّانِيَة مِنْ الْخِلَاف فِي نِيَّة الْجَمْع فِي أَثْنَاء الصَّلَاة. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوُقُوع فِي الْأُولَى أَظْهَر فَفِي الثَّانِيَة أَوْلَى ; لِأَنَّ الْأَظْهَر فِي اقْتِرَان النِّيَّة بِأَوَّلِ التَّكْبِير عَدَم الِانْعِقَاد، وَفِي الْجَمْع الصِّحَّة. وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَ النَّوَوِيَّ عَلَى تَصْحِيح الْوُقُوع فِيهِمَا. وَهُنَا دَقِيقَة: وَهُوَ أَنَّ الرَّافِعِيَّ مَثَّلَ اقْتِرَانهَا بِأَوَّلِهِ دُون آخِره: بِأَنْ تُوجَد عِنْد قَوْله " أَنْتِ "، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْمُعْتَبَر اقْتِرَانهَا بِلَفْظِ الْكِنَايَة: إمَّا كُلّه وَإِمَّا بَعْضه، لِأَنَّ الْقَصْد مِنْهَا تَفْسِير إرَادَة الطَّلَاق بِهِ، فَلَا عِبْرَة بِاقْتِرَانِهَا بِلَفْظِ " أَنْتِ "، قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرهمَا. قُلْت: وَنَظِير ذَلِكَ فِي الصَّلَاة أَنْ يُقَال: الْمُعْتَبَر اقْتِرَانهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي يَتَوَقَّف الِانْعِقَاد عَلَيْهِ، وَهُوَ " اللَّه أَكْبَر "، فَلَوْ قَالَ: اللَّه الْجَلِيل أَكْبَر، فَهَلْ يَجِب اقْتِرَانهَا بِالْجَلِيلِ؟ مَحِلّ نَظَر، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَره، وَفِي الْكَوَاكِبِ لِلْإِسْنَوِيِّ: إذَا كَتَبَ: زَوْجَتِي طَالِق، وَنَوَى وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ: وَالْقِيَاسُ اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ اللَّفْظِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ، لَا فِي لَفْظ الطَّلَاق خَاصَّة ; لِأَنَّا إنَّمَا اشْتَرَطْنَا النِّيَّة فِيهِ لِكَوْنِهِ غَيْر مَلْفُوظ بِهِ، لَا لِانْتِفَاءِ الصَّرَاحَة فِيهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُود فِي الْجَمِيع، وَحِينَئِذٍ فَيَنْوِي الزَّوْجَةَ حِين يَكْتُب " زَوْجَتِي "، وَالطَّلَاقَ حِينَ يَكْتُبُ " طَالِقٌ " انْتَهَى. وَنَظِير ذَلِكَ أَيْضًا: كِنَايَات الْبَيْع وَسَائِرِ الْعُقُود، قَالَ فِي الْخَادِمِ: سَكَتُوا عَنْ وَقْتهَا، وَيُحْتَمَل أَنْ يَأْتِي فِيهَا مَا فِي الطَّلَاق، وَيُحْتَمَل الْمَنْع، وَاشْتِرَاط وُجُودهَا فِي جَمِيع اللَّفْظ.

1 / 25