حزن برسيوس حزنا شديدا لوقوع ذلك الحادث، ونقل الجثة إلى أرجوس، حيث دفنت هناك في جنازة لائقة بها. وبعد انتهاء مراسم الحداد تبوأ برسيوس عرش أرجوس، حيث عاش في سعادة عدة سنوات يحكم خلالها بالحكمة والعدل.
أوليات مغامرات ثيسيوس
لما سئم أيجيوس ملك أثينا هموم الحكم وأعبائه، ذهب لقضاء بعض الوقت في بلاط صديقه بيتثيوس ملك ترويزن. فالتقى هناك بابنة ذلك الملك الحسناء، الأميرة أيثرا، فأحبها على الفور، وطلب يدها من أبيها، وهكذا تزوج أيجيوس أيثرا، فأنجبت له ابنا سمياه ثيسيوس ليكون وارث عرش أثينا.
وأخيرا وجد أيجيوس لزاما عليه أن يعود إلى أثينا، ويستأنف مسئولياته. وعندئذ قرر أنه من الأفضل أن يترك ثيسيوس في قصر جده، بدلا من أن يأخذه إلى مدينة أثينا الصاخبة، وزيادة على ذلك سيكون عند جده بمأمن أكثر من متناول يد أعداء الملك الكثيرين.
قال أيجيوس لأيثرا: «عندما يستطيع هذا الغلام أن يرفع ذلك الحجر الضخم القائم عند مدخل الغابة، ويجد السيف الموضوع تحته، أرسليه إلي.»
انتظر ثيسيوس على أحر من الجمر، حتى يأتي الوقت الذي يستطيع فيه أن يختبر قوته. وأخيرا جاء يوم ذهب فيه ثيسيوس إلى الغابة، واختبر قوته، وناضل بعنف مع ذلك الحجر، فزحزحه قليلا. وحاول مرة أخرى فدحرج الحجر بعيدا، في بطء، فوجد تحته سيفا جميل النقش، وزوجا من النعال.
فقالت أيثرا لابنها: «ترك لك أبوك هذه الأشياء. إنه ملك أثينا، وبينه وبين أخيه عداوة؛ لذا خشي عليك القتل إن ذهبت إليه قبل أن تنضج قوتك، وتكفي لأن تساعدك على أن تأخذ ما هو لك. اذهب إليه الآن، وعسى أن تحافظ عليك الآلهة.»
عندما أراد ثيسيوس السفر، نصحه جده بأن يأخذ الطريق الأقصر والأكثر أمنا في ذهابه إلى أثينا. غير أن ذلك الصبي كان يتلهف إلى إثبات رجولته، فاختار طريقا مليئا بكثير من الأخطار. وقد التقى بهذه الأخطار، بمجرد أن بدأ السير في ذلك الطريق، فالتقى أولا بقاطع طريق أعرج عظيم القوة اسمه بريفتيس، يقال إنه ابن فولكان، فما إن أبصر ذلك اللص ثيسيوس يسير في الطريق، حتى انقض عليه في وحشية بالغة، وهوى عليه بهراوة حديدية ضخمة. بيد أن ثيسيوس انتحى جانبا ليتحاشى الضربة، وفي لمح البصر هجم على ذلك اللص وقتله.
التقى ثيسيوس، بعد ذلك، بلص آخر يدعى بروكروستبس، وكان ضخم الجسم كأنه عملاق، وشرس الأخلاق. فإذا ما قبض على عابر سبيل سيئ الحظ، حمله على كتفه وذهب به إلى وكره، حيث يوجد سرير حديدي يضع فوقه المسافر المسكين، فإن كان السرير أقصر منه، بتر أعضاءه؛ ليلائم طول السير. وإن كان السرير هو الأطول، شد أعضاءه حتى يصبح ذلك المنحوس الطالع، بطول السرير، ولكن ثيسيوس برهن على أنه أكثر من ند له. وبعد أن هزم بطلنا ذلك العملاق، عاقبه بمثل عمله، فساواه بطول سريره.
ثيسيوس والمينوطور
صفحه نامشخص