لقاء الحبيبين
باتت أرمانوسة تلك الليلة تفكر تارة في مرقس وخطيبته، وطورا في تأخر أركاديوس عن المجيء لنجدتها بعد أن بعثت إليه مرتين، وكاشفت بربارة بذلك، فقالت: «أظنه لا يستطيع الخروج من الحصن خلسة خوف الفضيحة، أو لعله يأتي في صباح الغد.»
وأصبحت وهي تنتظر رجوع مرقس، أو من ينبئها بخبره أو خبر خطيبته؛ لأنها كانت في قلق عليها، فجاءتها بربارة تنبئها أن الحراس عادوا وأخبروها بظفره بمارية، وتمنت أن تظفر هي بأركاديوس أيضا، فقالت أرمانوسة: «وكيف ظفروا بها؟ وماذا فعلوا بذلك الخائن؟» قالت: «قتله فارس لم يعرفوه بعد.»
وفيما هما في الحديث جاء بعض الخدم يقول: «إن رجلا يريد السيدة أرمانوسة.»
فسألت بربارة عن الرجل، فقيل لها إنه من الجند، ولعله رسول، فهرولت وهي تحسب أنه رسول من أركاديوس، فإذا هو بلباس مرقس، أو مثل لباسه فظنت لأول وهلة أنه هو، ولكنها لما تأملته علمت أنه غيره، فقالت له: «ماذا تريد؟» فقال: «أريد السيدة أرمانوسة، فإني رسول إليها من صديقي مرقس، وقد جئت لأشكرها بالنيابة عنه.» فقالت بربارة: «إنها لا تزال في الفراش الآن، وسأعلمها بقدومك، ولا شك أنها تسر كثيرا بنجاة مارية، وقد يتيسر لك رؤيتها إذا عدت بعد قليل.»
فقال: «لا، بل أريد مقابلتها الآن، وكان يكلمها باللغة القبطية.»
فعجبت لهذه الجرأة، وتأملت وجه الرجل فإذا هو روماني، فلاح لها أنها تعرفه لما رأت بينه وبين أركاديوس من الشبه، ولكنها لم تكن تتوقع أن يكون أركاديوس نفسه لما رأت من لباسه وحاله.
فقالت: «قد لا تريد أن تقابل أحدا الآن.»
فأمسك بيدها وقال: «أظنها إذا عرفت من أنا لا تمتنع عن مقابلتي، فإني رسول جئتها ببشارة من أركاديوس بن الأعيرج، فهل تعرفينه يا بربارة؟»
فلما سمعت لهجته رجح لديها أنه هو، فالتفتت إلى ما حولها فلم تر أحدا من الخدم فقالت له: «لعلك سيدي أركاديوس؟» قال: «ربما كنت هو (وتبسم) فأين سيدتك يا بربارة؟»
صفحه نامشخص