قالت: «قولي يا بربارة ماذا في يدك؟ أفصحي. هل انقطع الرجاء؟» قالت: «لا، لم ينقطع الأمل يا سيدتي بعد، فإن اتكالنا على الله وحده، وهو قادر على إنقاذنا من مخالب الموت.»
قالت: «ما هذه الكتب؟ هل جاء الجواب من أبي؟ قولي، ولا تظني أني كنت أنتظر فرجا منه .» قالت: «نعم هو جواب والدك.»
قالت: «وأين كتاب أركاديوس؟» فأطرقت ولم تجب، فازداد ارتباك أرمانوسة وعظم قلقها، وألحت على بربارة قائلة: «ألم يرسل أركاديوس كتابا؟»
قالت: «لا يا سيدتي، ولكنه سيبعث قريبا.»
فلم تفهم مرادها فأمسكتها بيدها وقالت: «كيف لم يجب؟ هل هجرني وتخلى عني؟»
قالت: «كلا يا سيدتي، ولكن الرسول لم يره في الحصن، وسلم الكتاب إلى صديق له ليسلمه إليه حال رجوعه.»
فاستلقت أرمانوسة إذ ذاك على المقعد، وأجهشت بالبكاء، فخافت بربارة أن تطلعها على كتاب يوقنا لئلا يزيد يأسها، فوقفت ساكتة لا تبدي حراكا، ولكنها جعلت تفكر في حيلة تخفف بها عن سيدتها، فلم تر وسيلة فجثت إلى جانب سريرها، وأخذت تقبل يديها وتقول لها: «تجلدي يا سيدتي؛ فإن الله قادر على أن يأتينا بالفرج القريب.»
ولبثتا برهة في ذلك فإذا بقارع يقرع الباب، وقدم خادم ينادي بربارة من الخارج، فنهضت ومسحت دموعها، وأبلغها الخادم أن الحاكم يطلب مقابلتها، فذهبت إليه فوقف لها وقال: «قد علمنا أمر مولانا المقوقس بتسليم السيدة أرمانوسة ليوقنا صاحب هذا الجند، وقد بعث إلي الآن ليستعجلني، وهو لا يستطيع إلا الإذعان لأمر مولانا قسطنطين كما تعلمين، فهل تأهبت السيدة أرمانوسة للذهاب؟»
فقالت بربارة على الفور: «إنها سرت بما علمت، ولكنها لا تستطيع الخروج؛ لتعب ألم بها. فاستمهل الرسول إلى الغد.»
قال: «حسنا، وقد أمرت الجند بالتأهب للاحتفال اللائق بمقامها، فزينا القصر والطريق قياما بواجب الطاعة لسيدي المقوقس.»
صفحه نامشخص