قال: ينبغى أن نضع أولا ما الاسم وما الكلمة؛ ثم نضع بعد ذلك ما الإيجاب وما السلب، وما الحكم وما القول. — فنقول: إن ما يخرج بالصوت دال على الآثار التى فى النفس؛ وما يكتب دال على ما يخرج بالصوت. وكما أن الكتاب ليس هو واحدا بعينه للجميع، كذلك ليس ما يخرج بالصوت واحدا بعينه لهم. إلا أن الأشياء التى ما يخرج بالصوت دال عليها أولا — وهى آثار النفس — واحدة بعينها للجميع؛ والأشياء التى آثار النفس أمثلة لها، وهى المعانى، توجد أيضا واحدة للجميع. لكن هذا المعنى من حق صناعة غير هذه. وقد تكلمنا فيه فى كتابنا «فى النفس». — وكما أن فى النفس ربما كان الشىء معقولا من غير صدق ولا كذب، وربما كان الشىء معقولا قد لزمه ضرورة أحد هذين الأمرين، كذلك الأمر فيما يخرج بالصوت: فإن الصدق والكذب إنما هى فى التركيب والتفصيل. فالأسماء والكلم أنفسها تشبه المعقول من غير تركيب ولا تفصيل: مثال ذلك قولنا: إنسان أو بياض، متى لم يستثن معه بشىء، فإنه ليس هو بعد حقا ولا باطلا، إلا أنه دال على المشار إليه به؛ فإن قولنا أيضا عنز — أيل قد يدل على معنى ما، لكنه ليس هو بعد حقا ولا كذبا ما لم يستثن معه بوجود أو غير وجود مطلقا، أو فى زمان.
[chapter 2] فى الاسم 〈الأسماء البسيطة والمركبة. الأحوال〉.
فالاسم هو لفظة دالة بتواطؤ، مجردة من الزمان، وليس واحد من أجزائها دالا على انفراده. وذلك أن قلپس إذا أفرد منه «اپس» لم يدل بانفراده على شىء كما يدل فى قولك «قالوس اپس»، أى: فرس فاره. — وليست الحال أيضا فى الأسماء المركبة كالحال فى الأسماء البسيطة، وذلك أن الجزء من الاسم البسيط ليس يدل على شىء أصلا، وأما الاسم المركب فمن شأن الجزء منه أن يدل على شىء، لكن ليس على الانفراد، مثل قولك: «فيلوسوفس»، أى مؤثر الحكمة. — فأما قولنا : «بتواطؤ» فمن قبل أنه ليس من الأسماء اسم بالطبع إلا إذا صار دليلا، فإن الأصوات أيضا التى لا تكتب بحدها فتدل، مثل أصوات البهائم، إلا أنه ليس شىء منها اسما.
صفحه ۶۰