چهل حدیث
الاربعون حديثا
ژانرها
يزعمونه لانفسهم من مقام يقتضي خلاف ذلك كله . ان من يدعي انه هادي الخلائق ومرشد الضالين يجب ان يكون هو نفسه منزها عن المهلكات والموبقات ، زاهدا في الدنيا ، غارقا في جمال الله ، لا يتكبر على خلقه ولا يسيء الظن بهم .
كذلك نجد احيانا بين الفقهاء وعلماء الفقه والحديث وطلابهما من ينظر الى سائر الناس بعين الاحتقار ، ويتكبر عليهم ، ويرى نفسه جديرا بكل اكرام واعظام ، ويعتقد ان من المفروض على الناس ان يطيعوا امره اطاعة عمياء ، وانه «لا يسأل عما يفعل وهم يسألون» (1) ، وما من احد يستحق الجنة ، في رايه ، الا هو وافراد معدودون مثله ، وكلما جاء ذكر طائفة مقترنا باي علم من العلوم طعن فيهم ، ولا يعترف باي علم سوى علمه القليل الذي يتمتع به ويرى ان تلك العلوم تافهة وغير نافعة ومدعاة للهلاك ، فيرفض العلماء وسائر العلوم جهلا وسفها ، ويظهر كان تدينه هو الذي يحتم عليه ان يحتقرهم ويستهين بهم ، مع ان العلم والدين منزهان عن امثال هذه الاطوار والاخلاق . ان الشريعة المطهرة تحرم التصريح بقول من دون علم . وتوجب الحفاظ على كرامة المسلم . اما هذا المسكين الذي لا معرفة له بالدين ولا بالعلم ، فيعمل على خلاف قول الله ورسوله ، ثم يقول ان ذلك من صلب الدين ، مع ان سيرة السلف والخلف من العلماء العظام تكون مغايرا لهذا .
ان كل علم من العلوم الشرعية يقضي بان يتصف العلماء بالتواضع ، وان يقتلعوا جذور التكبر من قلوبهم . ولا يوجد علم يدعو الى التكبر ، ويخالف التواضع . وعليه ، سوف نبين العلة في كون علم هؤلاء الاشخاص يخالف عملهم .
ان الكبر منتشر بين علماء سائر العلوم الاخرى ايضا ، في الطب والرياضيات والطبيعة ، وكذلك اصحاب الصناعات الهامة ، كالكهرباء والميكانيك وغيرهما . هؤلاء ايضا لا يقيمون وزنا للعلوم الاخرى مهما تكن ، ويحتقرون اصحابها ، وكل منهم يحسب ان ماعنده وحده هو العلم ، وما عند غيره ليس بعلم ، فيتكبر على الناس في باطنه وظاهره ، مع ان ما عنده من علم لا يقتضي ذلك .
وهناك من غير اهل العلم ، من اهل النسك والعبادة ، من يتكبر ايضا على الناس ويتعالى عليهم ، ولا يعتبر الناس حتى العلماء من اهل النجاة ، وكلما جرى حديث عن العلم قال : ما فائدة علم بلا عمل ؟ العمل هو الاصل . انهم يهتمون بما يقومون به من عمل وطاعة ، وينظرون بعين الاحتقار الى جميع الطبقات ، مع ان المرء اذا كان من اهل الاخلاص والعبادة ينبغي لعمله ان يصلحه . فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وهي معراج المؤمن ، ولكن هذا الذي الاربعون حديثا :90
صفحه ۸۹