139

الاربعون حديثا :143

الشرح

الخردل ، نبات معروف له خواص كثيرة ، ويصنع منه الشمع . والعصبي : هو الذي يعين قومه على الظلم ويغضب لعصبته ويحامي عنهم . وعصبة المرء اقرباؤه من جهة الاب ، لانهم يحيطون به فيقوى بهم . والتعصب بمعنى الحماية والدفاع .

يقول الفقير الى الله : العصبية واحدة من السجايا الباطنية النفسانية . ومن آثارها الدفاع عن الاقرباء ، وجميع المرتبطين به وحمايتهم ، بما في ذلك الارتباط الديني او المذهبي او المسلكي ، وكذلك الارتباط بالوطن وترابه ، وغير ذلك من ارتباط المرء بمعلمه ، او باستاذه ، او بتلامذته وما الى ذلك . والعصبية من الاخلاق الفاسدة والسجايا غير الحميدة ، وتكون سببا في ايجاد مفاسد في الاخلاق وفي العمل . وهي بذاتها مذمومة حتى وان كانت في سبيل الحق ، او من اجل امر ديني ، من غير ان يكون مستهدفا لاظهار الحقيقة ، بل يكون من اجل تفوقه او تفوق مسلكه ومسلك عصبته ، اما اظهار الحق والحقيقة واثبات الامور الصحيحة والترويج لها وحمايتها والدفاع عنها ، فإما انه ليس من التعصب ، وإما انه ليس تعصبا مذموما .

ان المقياس في الاختلاف يتمثل في الاغراض والاهداف وخطوات النفس والشيطان او خطوات الحق والرحمن . وبعبارة اخرى ، ان المرء اذا تعصب لاقربائه او احبته ودافع عنهم ، فما كان بقصد اظهار الحق ودحض الباطل ، فهو تعصب محمود ودفاع عن الحق والحقيقة . ويعد من افضل الكمالات الانسانية ، ومن خلق الانبياء والاولياء . وعلامته المميزة هو ان يميل الانسان الى حيث يميل الحق فيدافع عنه ، حتى وان لم يكن هذا الحق الى جانب من يحب ، بل حتى لو كان الحق الى جانب اعدائه . ان شخصا هذا شانه يكون من جملة حماة الحقيقة ، ومن زمرة المدافعين عن الفضيلة وعن المدينة الفاضلة ، ومن الاعضاء الصالحين في المجتمع ، ومن المصلحين لمفاسده .

صفحه ۱۴۳