والثانى أيضا باطل. لأن على هذا التقدير ، يجوز حصول ذلك المعنى ، وعند ما لا يكون ذلك الجوهر حاصلا فى ذلك الحيز. وذلك يقتضي جواز حصول العلة منفكة عن معلولها. وهو محال. فتعين أن تعليل الكائنية بالمعنى ، يفضى الى أحد هذين الباطلين. والدليل عليه (5) أنا بينا أن كون العرض قائما بالجوهر ، معناه حصول ذلك العرض فى ذلك الحيز تبعا لحصول محله فيه. فلو كان حصول الجوهر فى ذلك الحيز معللا بمعنى قائم به ، لكان حصول ذلك الجوهر ، فى ذلك الحيز ، تبعا لقيام ذلك المعنى ، من حيث ان معلول تبع للعلة. فيلزمه كون كل واحد منهما تبعا للآخر. وهو محال (ولقائل أن يقول : ان عنيت بالتوقف آخر الموقوف عليه : لا يلزم (6) وهذه الحجة فيها بحث.
القسم الثالث من أقسام الممكنات : الشيء الذي لا يكون متحيزا ، ولا يكون قائما بالمتحيز. واعلم : أن جمهور الفلاسفة يثبتون هذا القسم. وجمهور المتكلمين ينكرونه. وأقوى دلائل المنكرين : أن قالوا : لو حصل موجود سوى الله تعالى بهذه الصفة ، لكان ذلك الموجود مساويا لذات الله تعالى ، فى أنه ليس بمتحيز ، ولا قائم بالمتحيز. ولو حصلت المساواة فى هذه الصفة لحصلت المساواة فى تمام الماهية ولو حصلت المساواة فى تمام الماهية ، لزم القول بأنه اما يكون الواجب ممكنا أو يكون الممكن واجبا. وكل ذلك محال.
واعلم : أن هذه الحجة ضعيفة. وذلك لأن الاستواء فى كونه ليس بمتحيز ولا حال فى المتحيز ، استواء فى مفهوم سلبى. والاستواء فى المسلوب ، لا يوجب الاستواء فى الماهية. لأن كل ماهيتين مختلفتين فلا بد وأن يتشاركا فى سلب كل ما عداهما عنهما واذا بطلت هذه المقدمة ، سقطت هذه الحجة.
صفحه ۲۲