لا يصح (13) أن يكون الامتناع أمرا ثبوتيا. وتكون الصحة أمر ثبوتيا.
أما أن الامتناع لا يكون أمرا ثبوتيا ، فلأن الامتناع لو كان أمرا ثبوتيا ، لكان الموصوف به ثبوتيا ، فيلزم أن يكون ممتنع الثبوت ثابتا. وهو محال. وأما أن الامكان لا يمكن أن يكون أمرا ثبوتيا. فذلك لأنه لو كان أمرا ثبوتيا ، لامتنع كونه واجبا لذاته ، بل يكون ممكنا لذاته. فيكون امكانه زائدا عليه. ويلزم التسلسل.
والوجه الثانى. فى بيان أن تبدل احدى الحالتين بالأخرى ، لا يقتضي كون احدى الحالتين أمرا ثبوتيا ، ولا تجدد أمر فى المحل : ذلك لأنه قبل حصول الحادث المعين ، لا يصدق أن الله تعالى عالم بحصوله فى هذا الوقت ، لأنه لو صدق عليه أنه عالم بحصوله فى ذلك الوقت ، مع أنه غير حاصل فى ذلك الوقت ، لكان ذلك جهلا. وهو على الله تعالى محال. ثم انه اذا حصل ذلك الحادث ، فانه يصدق على الله تعالى أنه عالم بحصوله فى ذلك الوقت. فاذن صدق على الله تعالى أنه ما كان عالما بحصوله فى ذلك الوقت ، ثم صار عالما بحصوله فى ذلك الوقت. فلو اقتضى صدق هذه القضية ، حدوث أمر وتجدد وصف لزم حدوث شيء فى ذات الله. وذلك عندكم محال.
الوجه الثالث : ان الجسم قبل حدوث العرض المعين فيه ، ما كان محلا لذلك العرض ، ثم اذا حصل ذلك العرض ، فقد صار محلا لذلك العرض. فيلزم أن يكون كونه محلا لذلك العرض عرضا آخر ، ثم انه على هذا التقدير ، يصير محلا لذلك العرض الآخر ، بعد أنه ما كان كذلك. فيلزم : أن يكون كونه محلا لتلك المحلية ، عرضا آخر. ويلزم التسلسل.
صفحه ۴۴