الحركة الأزلية غير ممتنعة لذاتها ، ولا لغيرها ، امتنع الحكم عليها بالامتناع ودلائلكم عليها تقضى بالامتناع. فكانت باطلة.
لا يقال : المانع من حصول الحركة هو تحقق مسمى الأزل. لأن الحركة تقتضى المسبوقية بالغير ، والأزل ينافى المسبوقية بالغير. فالجمع بينهما محال.
لأنا نقول : مسمى الأزل حيث ثبت وتحقق ، ان كان واجب الثبوت لذاته ، امتنع زواله قط ، فكان يجب أن لا يزول ذلك الامتناع أبدا ، وان لم يكن واجب الثبوت لذاته ، كان ثبوته لأجل شيء آخر. والكلام فى ذلك الثانى ، كما فى الأول. ولا يتسلسل ، بل ينتهى بالآخرة الى واجب الوجود لذاته. وحينئذ يلزم من امتناع زوال الواجب لذاته ، امتناع زوال مسمى الأزل ، ويلزم من امتناع زواله أن لا يزول قط امتناع حدوث الحركة. ولما كان ذلك باطلا ، علمنا : أن الحركة لا يمتنع حصولها فى الأزل.
سلمنا : أن الجسم يمتنع أن يكون متحركا فى الأزل. فلم لا يجوز أن يكون ساكنا؟ قوله : «لأن السكون أمر ثبوتى ، والثابت الأزلى يمتنع زواله» قلنا : لا نسلم أن السكون أمر ثبوتى.
وقوله : «الدليل عليه : أن الجسم يتحرك بعد أن كان ساكنا ، وبالعكس. وذلك يوجب كون أحدى الحالتين أمرا ثبوتيا».
نقول : لا نسلم أن تبدل احدى الحالتين بالأخرى ، يوجب كون احدى الحالتين ثبوتية. والذي يدل عليه وجوه :
أحدها : أن الحوادث عندكم ممتنعة الحدوث فى الأزل ، ثم انقلبت جائزة الحدوث فيما لا يزال. فههنا تبدل الامتناع بالصحة ، مع أنه
صفحه ۴۳