أحدهما : أن العرض حاصل فى الجسم ، فلو كان الجسم حاصلا فى العرض لزم الدور. والثانى : أنكم تقولون : الجسم انتقل من هذا الحيز الى حيز آخر. فلو كان المراد من الحيز هو العرض ، لزم أن يكون المراد من قولنا : انتقل الجسم من حيز الى حيز ، هو انه انتقل الجسم من عرض الى عرض. وكل ذلك محال. فثبت : أن القول بكون الجسم حاصلا فى الحيز ، أمر باطل محال. فكان التقسيم الذي فرعتموه عليه أولى بالاستحالة والفساد. ثم انا نترك الاستدلال على فساد هذا المذهب ، ونطالبهم بتفسير الحيز ، وبتفسير كون الجسم مظروف الحيز. فان بمجرد المطالبة بهذا التفسير ، يصعب الكلام على المستدل.
لا يقال : الحيز له تفسيران :
أحدهما : ما اتفق عليه جمهور المتكلمين. وهو أنه ليس أمرا وجوديا بل هو أمر يفرضه الذهن ، ويقدره العقل ، ويحكم بكون الجسم حاصلا فيه.
** والثانى :
الطول والعرض والعمق ، الذي لا يكون حالا فى مادة والجسم عبارة عن الطول والعرض والعمق مع المادة. فاذا حصل الجسم فى المكان ، فالمعنى أنه نفذ بعد الجسم فى ذلك البعد المجرد عن المادة ، المسمى بالمكان.
قالوا : والذي يدل على وجود هذا البعد المسمى بالمكان وجوه :
احدها : انه لا شك أن بين طرفى الطاس مقدارا من البعد. فالطاس المملوء من الماء اذا قدرنا أن الماء خرج منه ولم يدخل الهواء فيه ، فمع هذا الفرض لا بد وأن يبقى بين طرفى الطاس مقدار من البعد والامتداد . وذلك البعد قد فرضناه خاليا عن الأجسام. فثبت : أن المكان هو البعد.
صفحه ۳۹