واحدا من تلك البسائط ، فلا شك أنه يفرض فيه جانبان. وطبيعة كل واحد من ذينك الجانبين مساوية لطبيعة الجانب الآخر ، والا لكان ذلك الجزء مركبا. وقد فرضناه بسيطا. هذا خلف. وان كانت طبيعة كل واحد من ذينك الجانبين مساوية لطبيعة الجانب الآخر ، وكل شيئين متساويين ، وجب أن يصح على كل واحد منهما ما يصح على الآخر ، فاذن الجانب الذي يلاقيه أو يحاذيه بيمينه ، يصح أن يلاقيه أو يحاذيه بيساره ، ولا يمكن ذلك الا اذا انقلب فى حيزه ، حتى يصير يمينه يسارا ، أو يساره يمينا. فثبت : أن كل جزء يفرض ، فانه يصح عليه الحركة. واذا تحرك ، فقد بطل ذلك السكون. لأنه لا معنى للسكون ، الا ذلك الحصول. واذا بطل ذلك الحصول ، فقد بطل ذلك السكون.
الوجه الثانى : انا نكتفى (1) هنا بإلزام الخصم. وذلك لأن الأجسام عندهم اما فلكية أو عنصرية ، أما الفلكيات فانها عندهم متحركة على سبيل الوجوب. وأما العنصريات فكل واحد من أجزائها جائز الحركة. وعلى كلا التقديرين يثبت أن زوال السكون جائز. فثبت بما ذكرنا : أن السكون لو كان أزليا ، لما جاز زواله. وثبت أنه يجوز زواله ، فيلزم أن لا يكون السكون أزليا. ولما ثبت أنه يمتنع أن يكون الجسم فى الأزل ساكنا ، ويمتنع أن يكون فى الأزل متحركا ، وثبت أنه لو كان أزليا ، لكان اما ساكنا واما متحركا. ثبت : أن الجسم يمتنع أن يكون أزليا. وهو المطلوب.
وهذا تمام هذا القول فى تحرير هذا الدليل. وبالله التوفيق.
فان قيل : لا نسلم أن الجسم لو كان أزليا ، لكان اما متحركا ، واما ساكنا. قوله : «والدليل عليه : وهو أن كل جسم ، فانه لا بد وأن
صفحه ۳۷