واذا قامت الحجة على صحة هذه المقدمة ، فلنرجع الى المطلوب. فنقول : لو كان السكون أزليا ، لامتنع زواله ، ولا يمتنع زواله. فوجب أن لا يكون أزليا ، بيان الشرطية : انه بتقدير أن يكون أزليا ، فاما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممكنا لذاته. فان كان واجبا لذاته ، ظهر أنه يجب أن لا يزول اصلا. وان كان ممكنا لذاته فالمؤثر فيه اما أن يكون فاعلا بالاختيار ، أو موجبا بالذات. والأول محال. لأن الفاعل (12) بالاختيار انما يفعل بواسطة القصد والاختيار. والقصد الى تكوين الشيء ، لا يتحقق الا عند عدمه ، أو حال حدوثه وعلى التقديرين فكل ما يقع بالفاعل المختار ، كان محدثا. والقديم لا يكون محدثا ، فيمتنع أن يكون المؤثر فى وجود القديم فاعلا مختارا. فثبت : أنه لو كان له مؤثر لكان ذلك المؤثر لا بد وأن يكون موجبا بالذات. ثم ذلك الموجب ان كان ممكنا عاد الكلام فيه ، وان كان واجبا فان لم يتوقف تأثيره فى وجود ذلك القديم على شرط أصلا ، لزم من وجوب وجود تلك العلة ، وجوب وجود المعلول. فيلزم امتناع العدم على ذلك القديم. وان توقف تأثيره على شرط ، فذلك الشرط لا بد وأن يكون المؤثر فيه موجبا بالذات ، وواجبا بالذات ، وإلا عاد المحال المذكور. وحينئذ يلزم من امتناع التغير على العلة ، وعلى شرط العلة ، امتناع التغير على المعلول. فثبت بما ذكرنا : أن كل ما كان موجودا فى الأزل ، فانه يمتنع زواله. وانما قلنا : ان الزوال على السكون جائز. وذلك لأن كل متحيز ، فانه يمكن خروجه عن حيزه ، وبتقدير خروجه عن حيزه ، فانه يبطل ذلك السكون.
** بيان المقام الأول من وجهين :
الأول : ان كل متحيز يفرض. فانه اما أن يكون مركبا أو بسيطا. فان كان مركبا فانه لا بد وأن يحصل فيه بسائط. فاذا أخذنا بسيطا
صفحه ۳۶