الاحتمال الرابع : بأن يقال : العالم قديم الصفات ، محدث الذات. وهذا معلوم البطلان بالبداهة. فلا جرم لم يقبل به قائل.
الاحتمال الخامس : التوقف فى هذه الأقسام وعدم القطع بواحد منها. وهو قول «جالينوس».
وهذا آخر الكلام فى شرح هذه المقدمات ، التى يجب تقديمها على الشروع فى البراهين :
البرهان الأول : فى اثبات حدوث الأجسام. وهو أنا نقول : الأجسام لو كانت أزلية لكانت فى الأزل ، اما أن تكون متحركة ، أو ساكنة. والقسمان باطلان ، فالقول بكونها أزلية باطل. فنفتقر فى تقرير هذا البرهان الى اثبات مقدمات ثلاث :
المقدمة الأولى فى اقامة الدليل على الحصر : فنقول : الدليل عليه : أن كل ما كان متحيزا فلا بد وأن يكون مختصا بحيز معين. والمراد منه : أنه لا بد وأن يكون بحيث يصح أن يشار إليه بأنه هاهنا أو هناك.
اذا عرفت هذا ، فنقول : انه فى الأزل اما أن يكون باقيا فى حيز واحدا ، أو لا يكون كذلك ، بل يكون منتقلا من حيز الى حيز ، والأول هو الساكن ، والثانى هو المتحرك. فثبت : أن الجسم لو كان أزليا ، لكان فى الأزل اما أن بكون متحركا ، أو ساكنا.
المقدمة الثانية : فى اقامة الدلالة على أنه يمتنع كون الأجسام فى الأزل متحركة : ويدل عليه وجوه :
الأول : ان الحركة ماهيتها وحقيقتها ، أنها انتقال من حالة الى حالة. والانتقال من حالة الى حالة ، لا بد وأن يكون مسبوقا بحصون
صفحه ۳۲