علته. (8) لكن هذا لا يقتضي أن يكون للحوادث بداية ، لأنه لا يمتنع فى العقل دوام المعلول بدوام علته. وان كان المراد بهذا السبق هو السبق بالذات أو بالشرف ، فهو أيضا متفق عليه. وأما السبق بالمكان فهو منفى بالاتفاق وعلى تقدير ثبوته ، فذلك لا يوجب أن يكون للحوادث بداية ، اذ لا يمتنع فى بداهة العقول ، وجود موجود فوق العالم ، ويكونان موجودين أزلا وأبدا. فلم يبق هاهنا الا أن يفسر ذلك السبق بالسبق الزمانى. وهذا محال. وبتقدير الصحة فهو متناقض.
أما انه محال. فلوجهين.
أحدهما : أنه يلزم منه كون الله تعالى زمانيا. وذلك محال.
وأما ثانيا : فيلزم منه كون الزمان زمانيا. وذلك أيضا محال.
وأما بتقدير الصحة ، فهو متناقض. وذلك لأنه اذا كان الله تعالى ، متقدما على العالم تقدما ، لا أول له. وذلك التقدم تقدم زمانى ، لزم اثبات زمان لا أول له. وحينئذ يعود الكلام الى أنه يلزم قدم الزمان والحركة والجسم. فهذا تمام تقرير هذا الاشكال. والجواب : انا نثبت نوعا آخر من التقدم. وراء هذه الأقسام الخمسة التى ذكرتموها. والدليل عليه : انا ببداهة العقل نعلم : أن الأمس متقدم على اليوم. فنقول : تقدم الأمس على اليوم ليس تقدما بالعلية. وذلك لأن المتقدم بالعلية ، يوجد مع المتأخر بالمعلولية (9) والأمس واليوم لا يوجدان معا البتة. وأيضا : ان أجزاء الزمان متشابهة. فيمتنع أن يكون بعضها علة (10) للبعض.
وبهذا الطريق ظهر أنه ليس تقدما بالذات ، ولا بالشرف ،
صفحه ۲۶