چهار نامه
أربع رسائل لقدماء فلاسفة اليونان وابن العبري
ژانرها
أربع رسائل لقدماء فلاسفة اليونان وابن العبري
أربع رسائل لقدماء فلاسفة اليونان وابن العبري
جمع
لويس شيخو
رسالة دامسطيوس في السياسة
توطئة
أتحفت مجلة المشرق سابقا قراءها بمقالتين فريدتين في السياسة لأعظم فلاسفة العرب، الواحدة لأبي نصر الفارابي نقلناها عن أحد مخطوطات مكتبتنا الشرقية، والأخرى لابن سينا استنسخها حضرة الأب لويس معلوف من بعض مخطوطات مكتبة ليدن الشهيرة في هولندة، ثم طبعناهما في المجموعة الفريدة التي ظهرت في مطبعتنا تحت عنوان «مقالات فلسفية لبعض مشاهير فلاسفة العرب»، وهناك مقالة ثالثة في السياسة (ص40-49) تنسب إلى أرسطاطاليس. وكنا وقفنا على مقالة رابعة في السياسة لأحد قدماء فلاسفة اليونان منقولة إلى العربية في نسخة قديمة وصفناها غير مرة (اطلب المشرق 16 [1913]: 173)، كانت في ملك جناب الأديب جرجس بك صفا، وهي اليوم في عهدة الوجيه أحمد باشا تيمور. وهذه المقالة هي الثالثة من المجموع المذكور تنسب «لدامسطيوس وزير اليان، وهو يوليانوس الملك نقلها ابن زرعة من اللغة السريانية»، كان دامسطيوس
Themistius
خطيبا يونانيا شهيرا، نال في القرن الرابع للمسيح مقاما رفيعا عند ملوك الرومان فاتخذه يوليانوس المعروف بالجاحد كنديمه وأنيسه، ثم خدم خلفه يوفيانوس وجعله ثاودوسيوس الكبير معلما لابنه أركاديوس. توفي دامسطيوس سنة 395م، وخلف عدة آثار فلسفية، ولكننا لم نجد ذكرا لرسالته هذه في السياسة ولعلها ضاعت في اليونانية. وقد عربها أحد مشاهير أرباب النقل من السريانية إسحاق بن زرعة اليعقوبي المتوفى سنة 448ه/1056م. وكان أحد المتقدمين في علم المنطق وعلوم الفلسفة والنقلة المجيدين من اليونانية والسريانية، والظاهر أنه وجد هذه الرسالة منقولة قبله من اليونانية إلى السريانية فحاول تعريبها. فها نحن ننشرها قبل أن تأخذها يد الضياع. هي في الأصل سبعة أوراق من الصفحة 97 إلى 110. أما الملك الذي كتب له دامسطيوس هذه الرسالة فنظنه ثاودوسيوس؛ لأن ما ورد في مطاوي الرسالة من الثناء على الملك ووصف الأحوال لا ينطبق على يوليانوس بل على ثاودوسيوس، والله أعلم. (1) رسالة دامسطيوس وزير اليان وهو يوليانوس الملك في السياسة (نقل ابن زرعة من اللغة السريانية) (97)
فأقول إن الله تبارك وتعالى خلق الإنسان أكمل الحيوان، وأتمه وجعل فيه قوى ثلاثا: القوة الغاذية ويسميها قوم الشهوانية، ويسميها آخرون النباتية، والقوة الحيوانية، والقوة الناطقة المميزة؛ لأن الإنسان يشارك بالقوة الغاذية النبات إذ كان في النبات قوة جاذبة يجذب بها غذاءه بعروقه من الأرض، وقوة ماسكة يمسك بها الغذاء ويمنعه من أن يجري منه ويسيل، وقوة مغيرة تغيره وتشتبه به، وقوة دافعة تدفع عنه ما فضل عن غذائه. ويشارك البهائم في القوة الحيوانية أعني في الحركة الإرادية والغضب والحس والتنفس، فإن هذه المعاني مشتركة للإنسان ولسائر الحيوان، وإن كانت كلها ليست موجودة في كل حي. وهو له القوة الناطقة التي بها يكون الفكر والفهم وتمييز الأشياء والتماس الفضائل والتقى، فينفصل سائر ما في العالم من (98) الحيوان.
صفحه نامشخص