آرام دمشق و اسرائیل: در تاریخ و تاریخ توراتی
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
ژانرها
أما الممالك التي واجهها الإسرائيليون في مناطق شرقي الأردن، فلم تكن قائمة على الإطلاق إبان زمن الخروج، والمنطقة بكاملها كانت خالية من السكان تقريبا خلال أواخر البرونز الأخير ومطلع عصر الحديد، وذلك بسبب الجفاف الذي حل بالمنطقة. ولم يعد الاستيطان البشري إلى مناطق شرقي الأردن - بشكل يساعد على قيام بنى سياسية مستقرة - حتى حلول عصر الحديد الثاني ابتداء من عام 1000ق.م.
10
وهذا كله يدل على أن المحرر التوراتي كان يستلهم الجغرافيا البشرية والسياسية المعروفة لديه وقت تحرير الأسفار، وأنه كان على جهل مطبق بأحوال الزمن المفترض للخروج.
ومن الجدير بالذكر أن الشخصية الوحيدة في قصة الخروج، التي توفرت لدينا عنها معلومات غير توراتية، هي شخصية بلعام بن بعور العراف الذي دعاه ملك موآب ليلعن له إسرائيل (العدد، 22: 1-48)، فقد اكتشف مؤخرا في موقع دير العلا بشرقي الأردن عدد من النصوص الآرامية، بينها نص يذكر بلعام بالذات، ويصفه بناظر أو عراف الآلهة. يقول النص: «هذه كلمات بلعام بن بعور ناظر (عراف) الآلهة ...»
11
غير أن نصوص دير العلا هذه ترجع إلى حوالي عام 750ق.م. أي إلى فترة قريبة من زمن تدوين التوراة، عندما كانت ذكريات ما عن هذه الشخصية الروحية في المنطقة ما زالت حية ومتداولة، بينما يفصل عصر بلعام التاريخي هذا عن عصر الخروج حوالي خمسمائة سنة.
أخيرا أود أن أختم هذا النقد التاريخي لقصة الخروج برأي للباحث
N. M. Sarna ، وهو مؤرخ وباحث توراتي يهودي أميركي، وله أبحاث قيمة ورصينة في هذا المجال. يقول
Sarna
في دراسة جديدة له حاول من خلالها جادا تقصي تاريخية أحداث الخروج ما يلي: «إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية الخروج تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من جهة، وهي مليئة بالتعقيدات من جهة ثانية. وهذا كله لا يساعدنا على وضع أحداث الخروج ضمن إطار تاريخي. إضافة إلى ذلك، فإن النص التوراتي يحتوي على محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين. فهؤلاء المؤلفون لم يكونوا يكتبون تاريخا، وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لحوادث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة الروايات التوراتية بشكل يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف، وبالتالي فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعا لذلك. إننا نفتقد إلى المصادر الخارجية التي تذكر عن تجربة الإسرائيليين في مصر، أو تشير إليها بشكل مباشر، والبينة الموضوعية الواضحة على تاريخية النص التوراتي هنا مفقودة تماما، بما في ذلك نتائج التنقيب الأثري.»
صفحه نامشخص