7
من كتابه «زندقة لا مؤامرة».
8
من كتابه «المذهب الطبيعي وروح الإنسان».
الفصل الرابع عشر
كارل ياسبرز
(1883م-...)
كان ياسبرز أحد مؤسسي الوجودية الألمانية، تلقى تعليما مهنيا في الطب، وقضى حياة عملية ناجحة في العلاج النفساني، ثم انصرف إلى الفلسفة حتى أمسى أستاذ الفلسفة الأول في ألمانيا. وفي عام 1937م فصل من وظيفة الأستاذية بجامعة هيدلبرج على أيدي النازيين؛ لأن زوجته كانت يهودية، ولما حرم من التدريس ومن النشر عاش متقاعدا عن العمل فيما بين عامي 1937 و1945م عندما وصل جيش الاحتلال الأمريكي وحرر آل ياسبرز فعلا من خضوعهم للتهديد الدائم بالقضاء على حياتهم، الذي كانوا يعيشون في ظله، وبعدئذ سعت إليه السلطات الأمريكية سعيا حثيثا تطلب منه المشورة، وسرعان ما أعيد تعيينه بهيدلبرج مديرا للجامعة، وأصبح منذ عام 1948م أستاذا للفلسفة بجامعة بازل في سويسرا.
وفي عام 1950م أعلن ياسبرز أنه يؤثر أن يعد فيلسوفا عقليا على أن يعد «فيلسوفا وجوديا»؛ لأن واجب الفلسفة في عصرنا هو أن يؤيد قضية العقل ضد اللاعقل، وكل صنوف التعصب ونظم الفكر التحكمية التي تفترض نفسها نظما «نهائية»، وكان ياسبرز دائما يؤمن بأن الوجودية تعتمد على إدراك أن وجودنا الصحيح يقوم على أساس شيء آخر يتجاوزه، وهو جهاد بشري خاص بالإنسان ويجاوز حدوده، كما يؤمن بأن العقل يتمم طبيعة هذا الجهاد؛ فنحن على حد تعبير ياسبرز «نعلم أننا جميعا تحت رحمة الحوادث التي لا تخضع لسلطاننا، ولكن في حدود هذا المصير الذي يتحتم علينا أن نخضع له، يريد الإنسان أن يحاول - برغم ذلك - بما لديه من قدرة على إصدار القرارات أن يحيا حياة قوامها العقل، وأن يمارس الذاتية والمعنى بمعونة العقل.» ويعترف ياسبرز أن العقل كان دائما موجودا كقيمة من القيم في كل كتاباته الأولى، غير أن ما دفعه إلى تفصيل الكلام فيه، بل إلى تمجيده، هو «حقائق الاشتراكية الوطنية في ألمانيا». بيد أن ياسبرز مستعد أيضا للاعتراف بأن إيمانه هو دعامة تفكيره، وهو إيمان إنجيلي - وإن لم يكن كنسيا - في منشئه الميتافيزقي.
وقد أخرج ياسبرز قدرا كبيرا من الصحائف المكتوبة، وأنفق سنوات تقاعده في التأمل والكتابة، كتب يقول: «حينما سألني صديق شاب في عام 1938م: «لماذا تكتب؟ فلن ينشر لك بأية حال من الأحوال، وسوف تحرق كل مخطوطاتك في يوم من الأيام!» أجبته مداعبا: «إن الإنسان لا يدري ماذا عساه يحدث، وأنا أستمتع بالكتابة، وإن ما أفكر فيه يزداد وضوحا في أثناء الكتابة. وأخيرا، لا أحب إذا ما انقلب الحكم ذات يوم أن أقف خالي الوفاض.»
صفحه نامشخص