ووزع إبراهيم هداياه على الأخصاء من مواس، وساعات، وأقلام حبر، وخواتم ذهب أميركي، وغير ذلك، وحمل إلى سمنجون الساعة الثمينة مع سلسلتها الطويلة من الذهب الخالص، والخواتم، والأساور، فترطب قلبها وتندى، ولكنها تذكرت دملجا
11
زجاجيا أهداه إليها في الصغر، قبل الهجرة، فرأت أن تلك الزجاجة الزرقاء كانت أحب إلى قلبها من هذا الذهب والألماس، فما سر ذلك؟
وأدرك إبراهيم أنه لم يظفر منها بتهافت العشاق رغم الهدايا النفيسة، والبيت العظيم الذي بلغ الأعتاب، فأخذ يتفاصح ويتظرف، وإذا بالأمر بالعكس، فهو غائبا عن العين أقرب إلى القلب، تتأمله سمنجون فتقول في نفسها: «رجولة تامة، غنى وافر، جاه
12
يمتد بسرعة الغيم، هذا مطران الأبرشية شرف للسلام عليه، وتهنئته بالرجوع، ومدير الناحية يجيء بعد يومين، و«البروش»
13
الذي أهداني إياه في السهرة الأخيرة يسوى مائة ذهب، فما أريد بعد؟ ليس هناك رجل آخر أحبه لأقول قلبي مشغول، فما هو السبب يا ترى؟
يتحدث إبراهيم عن شأنه في المهجر أحاديث تحبب وترغب، وكلما أمعن في أحاديثه جد قلبي في الهرب، فما العلة يا ترى؟ قصتي عجيبة والله!»
وأتى المدير ليهنئ بالعود الأحمد، فبالغ السنيور إبراهيم في إجلاله وتكرمته، أعد له غذاء ملوكيا قلما أعد مثله في البلاد، ودارت الأنخاب على المائدة، فأثنى صاحب العزة على كد إبراهيم وجده، ورفع اسم الجالية عاليا بما أنشأ من روابط متينة مع رجال الدولة في «الريو». وأخيرا رفع المدير كأسه شاربا نخب المهاجرين بشخص زعيمهم برهون، وتمنى عودتهم جميعا غانمين مثل إبراهيم أفندي.
صفحه نامشخص