خير الأمور الوسط • يظهر أن كيسنجر هذا «فنجري» جدا لأنه لا يركب إلا طائرات على حساب الدول. • نحن لا نرى الجنون إلا في غيرنا. • إعلان هام: قلبي به أربع حجرات فسيحة كلها صالحة للسكنى، الراغبون يتقدمون، أما الجنس الخشن فيمتنعون. • أرى الحقيقة أمامي كالمارد فلا أستحي وأدعي أنني لا أراها بتاتا. • الشحاذ اليوم أستاذ كبير في علم النفس، وإلا فقل لي كيف تعطيه القرش الأبيض في يومك الأسود هذا؟ • الشحاذ والطبيب النفساني نقيضان، الأول يضمن رزق يومه، أما الثاني فهو وحظه. • أنت بلا ظهر كمقعد بلا ظهر، كلاهما منبوذ ضعيف. • الحلال ضد الحرام كالنهار ضد الليل، ولكن من منا لا ينتظر الليل بعد النهار أو النهار بعد الليل؟ • جميع الأعماق محسوبة إلا عمق الدين. • لا بد لي أن أكون مخلصا لها، وفيا على حبها، صادقا في معاملتها، عاكفا على ربط أواصر التآزر بيننا، جاعلا الحال بيننا لا انفصام فيه ولا انقسام. • كأن الدهر قد سجل اسمه في لوحة الشقاء أن يعيش الحياة كلها دامع العين حزينا. • الإيمان للنفس كالهواء للرئة، فنفس بلا إيمان كرئة بلا هواء. وكلما زادت صحة الرئتين كلما زاد نقاء الهواء، كذلك تزداد النفس نضوجا بازدياد قوة الإيمان.
فكن كتلة من الإيمان تعش ملكا في نفسك كما يعيش الهواء في قبة الفضاء. • قد يزيد الإيمان إن قل المال. وقد يقل الإيمان إن زاد المال. • لتبكيا وتذرفا الدمع سخينا على صديق كان بينكما حيا فنقلته يد المنون القاسية وجعلت من قلبه الحي مقبرة مقفرة. لتبكيا على زميل لكما كان يرجى منه نفع كثير فما عاد لبقائه نفع ولا لحياته قيمة .. إنه الآن فتيل شمعة قصيرة قد عمل اللهب في طرفها. • علموني طفلا ألا أكذب .. فما كذبت، فهل علموك؟
ولقنوني صبيا «ألا أسرق» .. فما سرقت. فهل لقنوك؟
وأفهموني شابا «أن لا أطيش» .. فما طشت. فهل أفهموك؟
ووعيت اليوم أنهم خدموني، فشكرتهم، فهل وعيت وشكرت؟ • ما لي أراك اليوم تسطرين صفحة التضحية بذلك المداد السرمدي، مداد قلبك الذي لا يزول ولن يزول. • ما دمت أعلم أن الله يعلم جريمتي، فماذا يضيرني أن يعلم الناس بها أيضا. • إن كان جمالك طبيعيا كان مثله مثل دقات الساعة فكما أن هذه لا تكف حتى انتهاء العالم، كذلك جمالك لن يذبل حتى ترحلي عن العالم. • رأيتك فقلت آمنت بعذراء الحب والجمال، فسجدت فورا لخلاق الحسن والدلال. • سعى سلطان الجمال إليها يقول: «فتاتي، والله ما سعيت إليك عابرا سبعة بحار معتليا سبعة جبال، مخترقا سبعة أقطار، ملاقيا سبعة جيوش، إلا لأمثل بين يديك فآتمر بأمرك وأعمل بمشيئتك، فهل تودينني أن أحل فيك كلك فأطويك من قمة الرأس حتى أخمص القدم، أم تفضلين أن أنحصر في هالة وجهك فتصبح عيناك ملتقى قلوب الشباب، وشفتاك مرمى شياطين الرجال، ووجنتاك أحدوثة النفوس، ورموشك شباكا تقتنص الفرائس زرافات ووحدانا، وشعرك تاجا تصبو إليه كل نفس مرهفة، فقد أوتيت القدرة على ذلك. وثقي أني ما اخترتك من دون النساء إلا لعلمي أن الجمال بك يشمخ، وبروحك الرقيقة يسمو ويعلو.» • يعتقد الكثيرون أن الجنة سراب السماء؛ كذبوا، فليس في السماء سراب، إن السراب في الأرض. • إنها حكمة الله أن جعل الإنسان بعقل ليفكر فيتغلب على شرور الطبيعة، بينما جعل الشر بلا عقل لئلا يفكر فيعيث في الأرض فسادا. • حياتك حياة قصيرة، ابتدأت بنهاية الليل وانقضت بانقضاء النهار، فكانت قطرة الندى التي سكبتها أجفان الظلام ثم جففها ملمس النور. • سوف لا أعرف للحياة معنى بعد موتك، ولن تبصر عيني نورا بعد فقدك، فتصبح حياتي كمماتي، وإعلاني كسري، ونهاري كليلي، فما كنت أحيا إلا بحرارة أنفاسك. • الحياة كنز .. والموت كنز آخر؛ إذ للموت لذته كما للحياة لذتها. فلذة الحياة في انقضائها وهذا صنف من الألم. ولذة الموت في البعث وهذه لذة أخرى. فاللذة التي تنتهي بالألم ضاعت لذتها وبقي الألم، في حين أن الانتقال من لذة إلى أخرى يبيح للمرء التمتع باللذتين. فما أحلى كنز الموت، وما أمر كنز الحياة. • الخجل حلية المرأة، كالشجرة زينة الحديقة، والحديقة إن كثرت أشجارها زاد جمالها وتضاعف إقبال الناس عليها. كذلك المرأة إن كثر حياؤها وزاد بهاؤها وتضاعف إقبال الرجال عليها. فكوني ذات أشجار، ولا تكوني ذات شجرة واحدة. • إن مالت عليك صديقة وهمست تقول: «إن فلانا هذا نبيل.» فقولي لها «ومن أدراك وما يوما ناجاك؟» فإن قالت: «إن ظاهره يوحي بباطنه.» قولي لها: «إن الظواهر خداع.» • للخلق أساسه كما للبيت أساسه، فإن كان أساس البيت ملاطه فإن أساس الخلق منبته، وكما أن البيت لا تزعزعه عواصف الأرض أو صواعق السماء إن كان صلب الملاط، كذلك الخلق لا تؤثر فيه شياطين الأرض إن كان أصيل المنبت. • ليست لذة الخبز في عجنه، وإنما كل اللذة بعد خبزه. كذلك ليست لذة الدين أن تقرأه في الكتب، وإنما في العمل بما تقرأ. • الرجل عند الكثيرات لعبة في يد طفل، وعند القليلات العاقلات النصف القوي المكمل. فإن كنت من الكثيرات كان مصيرك مصير اللعبة وبئس المصير، ولو كنت من القليلات زادك النصف المكمل قوة ونعم المصير. • لا تكن كالمرائين .. وإلا فضحك رياؤك.
ولا تكن كالمحابين .. وإلا فقدت عدلك.
ولا تكن كالواشين .. وإلا قتلك وشيك. • حذار، حذار، أن تطلعي صديقتك على أسرار قلبك. فمن ملكت سرك ملكت قلبك وكان في يدها أول خنجر تهددك به إن لم تطعنك به. • صل فإن الرب سيحقق رجاءنا ما دامت صفحاتنا في العفاف بيضاء. • إن صوتك ينساب في نفسي في رقة وليونة تفوق انسياب مياه الغدير من فوق ربوة عالية. • إن لصوتك في نفسي وقعا يفوق وقع القوس على الكمان. • ما من أحد رأى الضمير في ذاته؛ وإلا لآمنا بوجود من رأى هيكل الرب مصغرا. • الطاعة نور في عيون الشباب، وقوة في أجسامهم، والصفاء في قلوبهم والذكاء في عقولهم والسرور في بيوتهم والصلابة في إرادتهم والرقة في مشاعرهم والراحة في ضمائرهم. • ها قد أوت الطيور، ومن الليل ولت هاربة. أزعجها الليل بظلمته، وكانت في السماء ضاربة. • عسير عليك أن تقلع عن عادة ومستلزماتها متوفرة حواليك، تخلص أولا من هذه المستلزمات فتنزع عنك العادة من تلقاء نفسها. • ماذا أرى في هذا العالم؟ لا أرى أثرا للنور بل ظلاما، أرى الحقد يتفشى والعدل ينسحق ويزول. • ليست سعادة المرء في جيبه .. وإنما سعادته في قلبه .. فما في الجيب دقاته ساعات، أما ما في القلب فدائم الدق. • إنها غاية المولى عز وجل أن يكون الإنسان شريرا وخيرا وأن يكون شره تارة أقوى من خيره حتى لا يدخل الفردوس إلا من كانت أعصابهم من حديد وإيمانهم من فولاذ. • ما أحفل حياة الممثلة وما أصخب دنياها، ومع ذلك تبدو فوق المسرح باسمة حينا وضاحكة حينا آخر، تعلم الصبر من الممثلة. • صادقه وقلبه قد خلا من كل شرير، صادقه ونفسه نقية من كل درن وإثم، ونور عينه لا يحجبه ستار أو يعكر صفوه غبار، صادقه وكله عزيمة ومضاء وإيمان بذاته الرفيعة، وقدرة على الحياة لا نظير لها. • صادقه وهو يرى الحياة جلدا وصبرا وعزاء. كانت الحياة عنده تبصرا وتريثا للذة والآثام وألوان الترف والمجاملة والأنانية، ولكنه اليوم بعد أن ارتبط معه برباط الصداقة النهيل نسي ما كان عليه وأضحى صورة من الشرير. • ما أبدع الصراحة كمبدأ، وما أجمل الوفاء كخصلة، وما أحلى التواضع لطالب الرفعة. • الغمز بالعين كالدعك فيها والدعك يؤذي. والتلويح باليد كالضرب بها، والضرب يؤلم. وكل ما هو مؤذ ومؤلم مبغض ممقوت. • العين للجسد كالقمر لليل، فإن أفادت العين الجسد، أفاد القمر الليل .. العين تخفف بعض ظلمة الجسد، والقمر بعض ظلمة الليل. وكما قد يتغير القمر فيصغر حينا ويكبر حينا آخر، كذلك العين قد تنظر في دعة وقد تجحظ .. والمرء يعرف من عينه، فإن كانت عينك رقيقة النظرات أضاءت كما يضيء القمر، فتزول بذلك ظلمة جسدك. وإن جحظت على الدوام ملأها الشر وزادت بذلك ظلمة جسدك. • إن رأت العين البعيد والقريب، والملموس والظاهر، فلن ترى المستور في القلب. فحذار أن تخدع العين بظواهر الأمور لأنك غالبا تخدع نفسك. • مكثت طوال عمري أرى بعين رأسي، فحين رأيتك بدأت أرى ولكن بعين قلبي. • لقد كنت أرى في عينها جمال الطبيعة، فما عدت اليوم أرى فيها غير بؤس الشقاء وذبول الموت. • عجبا إذ أراك، فإما أن أرى الدنيا مقبلة بإقبالك، وإما أن أراها مدبرة بإدبارك. • حمدا لله الذي أراد فحقق، وحمدا للمولى الذي حقق فعدل. وهل بعد دفاعي عن الحق من عدل، وإخالك لا تمقت من أحب العدل فقومه، ومن نادى بالحق ونصره، إن الباطل كان زهوقا. • أرسلي نور الحياة إلى نفسي الذابلة الذليلة، ليمحو ظلمات عذابي ويشتت غيوم أحزاني. • إن كنت ذا عقيدة فآمن بها، وإن كنت مؤمنا فلتكن لك إذن عقيدة تؤمن بها. • عين المرأة سراج منير، فإن غمزت بها صارت شررا مستطيرا. • كفاك يا حبيبتي، فالبكاء يدمي العيون ولا يأتي العون. فكم بكينا وشكينا فلم يحن لبكائنا دهر ولم يستمع لشكاتنا قدر خئون. • لعينها بريق يخيل إلي أنه يخترق حجب الخيال بأشعته طورا، وأطوارا يتلقى إيحاءات الخلود المنتظر. • غني يا حبيبتي وأنشدي .. وأسمعيني عذب صوتك الحنون وأطربي. غني لنفسي الشقية ولقلبي الحزين في هواك، فقد ألفت البؤس والشقاء وتحالفت مع الدموع والكآبة .. والكل من أجلك. • القبلة المتفق عليها ليست كالتي تأتي بدون اتفاق. فمصدر الأولى الشيطان ومصدر الثانية الروح.
الأولى دليل الحب الصناعي، أما الثانية فرمز الحب الصحيح. تنتهي الأولى بانتهاء لذتها أما الثانية فلذتها تدوم بالرغم من انتهائها. • صه أيها القدر، لك أن تتكاتف وتتآمر علي، وتضع يدك في يد الدهر الخئون، ولكني أقول لكما إن الفشل جزاؤكما والخذلان مصيركما. فإن كان لكما من القوى ما أفتقر إليه حقا، فأدركا أن لدي قلبي وروحي وعقلي وهي أقوى الأسلحة وأشدها فتكا، لو أني فقط أضمها سويا وأربط بينها مستخدما إياها الاستخدام الصحيح، فحذرك مني أيها القدر، وأنت أيها الدهر الخئون. • تبا له القدر الخئون، تبا له إذ قد أبى فكنت الفريسة، وكنت - كقولهم - نورا قد خبا. • لو كان لي أن أهديك شيئا فلن أقدم لك غير قبلاتي الحارة أطبعها فوق سهول وجنتيك وجبينك الوضاح. • إن القبلة الروحية حياة بعد يأس، أما القبلة الشهوانية فيأس بعد حياة. • ليتك تدخلين قلبي وتقرئين كتاب فكري وتلمين بمكنون نفسي. وهنا ترتاح روحي وتسكن لواعج نفسي وينام جفني المسكين. • إن قلبي اليوم تعصف به أقوى الخلجات وأعنف النزوات وأسمى الأفكار وأنقى الآمال. • إن قلبك الرقيق أثمن عندي من الدرر الغالية والجوهر الشحيح. • خلت أني لو صرت طيرا، ما أهمني الليل وظلامه، خلت أني لو حمت حولك، وعيت قلبك وكلامه. • صديقي، تحدوني قوة خارقة أن أطيل الكتابة إليك حتى أجعل منها كتيبا ولا ضير في ذلك، إذ ليس مطلوبا مني في مثل سني أن أكتب كتابا. بيد أني لا أود لكتيبي من الامتيازات ما تحظى به كتب الدكتور طه حسين وتوفيق الحكيم ومحمود العقاد؛ إذ إن كتبهم تتسلل داخل الدور والقصور وتستوي فوق الأرائك والمكاتب أو الرفوف فترى دخائل البيوت وتشاهد أهلها وتقف على كثير من أسرارها. فإني أرفع من أن أجعل كتيبي فضوليا إلى هذا القدر، جاسوسا بهذا الأسلوب الممقوت. بل سأجعله بينك وبيني، ولمن تربطهم بي أواصر الصداقة الحقة، ولمن أثق بهم ويثقون بي، ولمن لا أجد حاجة إلى معرفة دخائلهم، ويكفيني أن أعدك صادقا بأني سأجعله خليقا بك أهلا لقراءتك، طيعا يأتمر ولا يأمر. • لا تكذبن فالكذب ضياع ثقة المرء بلسانه.
ولا تسرقن فالسرقة ضياع ثقة المرء بيده.
ومن فقد ثقة يده ولسانه كان خوفه من البشر أضعاف خوفه من الله. • إن مال عليك صديق وهمس في أذنك: «حسدي لك عظيم فحبيبتك جميلة الوجه.» فقل له فورا: «خذها، إن الكمال جل الجمال.» • لا تكذبن فتشبع لذة اللسان. إن اللسان العفيف كنز عظيم، والحرص خير جسيم. • لا تعجبا صديقي لو قلت لكما إنني في سكرة الموت وإن للموت لذته، وألذ ما فيه سكرته فإنها تبعث الحيرة في نفسي. • قليل من يعرف أن الله قد خلق الأشياء على ماهيتها وأوضاعها لأنه يريدها كذلك؛ وإلا لما قلب الكثيرون الأوضاع التي رسمها الله. • الصداقة فضيلة رشيدة، والأمانة خصلة حميدة، والإخلاص صفة فريدة، إن تحليت بها جميعا فقد دنوت من قمة المجد. • عسير على المرء أن يرى الله، ولكن من اليسير عليه أن يعرف أين هو. الله قوة وليست صورة، الله في الأحياء لا في الأموات، والفرق بين الحي والميت أن الأول قلبه ينبض والثاني قلبه عديم النبض. إذن فالله في القلوب.
صفحه نامشخص