إتفاق القائلين: إن كان في غرض عام كالوصف بالشجاعة والسخاء فلا يعد سرقة ، أو في وجه (¬1) الدلالة كالتشبيه ، فإن اشترك الناس في معرفته ؛ لاستقراره في العقول والعادات ، كتسمية الشجاع بالأسد ، فكذلك / وإلا جاز أن يدعى فيه السبق والزيادة 14 أ، وهو خاصي في نفسه غريب ، وعامي تصرف فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما مر، فالسرقة نوعان : ظاهر وغيره ، أما الظاهر فهو أن يؤخذ المعنى كله مع اللفظ كله ، أو بعضه ، أو وحده ، فإن أخذ اللفظ كله بلا تغيير لنظمه فهو مذموم ؛ لأنه سرقة محضة ، ويسمى نسخا وانتحالا في معناه ، أن يبدل الكلمات أو بعضها بما يرادفها ، وإن كان مع تغيير لنظمه ، أو أخذ بعض اللفظ سمي إغارة ومسخا ، فإن كان الثاني أبلغ ؛ لاختصاصه بفضيلة فممدوح ، أو دونه فمذموم ، أو مثله فأبعد من الذم ، والفضل للأول ، وإن أخذ المعنى وحده سمي إلماما وسلخا ، وهو ثلاثة أقسام كذلك .
وأما غير الظاهر فمنه أن يتشابه المعنيان ، ومنه أن ينتقل المعنى إلى معنى آخر ومنه أن يكون المعنى أشمل ، ومنه القلب بأن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأول ، ومنه أن يؤخذ بعض المعنى ، ويضاف إليه ما يحسنه ، وأكثر هذه الأنواع ونحوها مقبولة ، بل منها ما يخرجه حسن التصرف من قبيل الإتباع إلى حيز الابتداع ، هذا إذا علم أن الثاني أخذ من الأول ، وإلا فلا يحكم بشيء من ذلك ، لجواز أن يكون الاتفاق من توارد الخواطر ، فإذا لم يعلم قيل : قال فلان كذا ، وسبقه إليه فلان ، فقال كذا ، ومما يتصل بذلك القول في الاقتباس ، والتضمين ، والعقد ، والحل ، والتلميح .
صفحه ۴۷