122

Approach to Da'wah in Light of Contemporary Reality

منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر

ناشر

جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

ژانرها

به .. أيداعب رسول الله ﷺ ولدًا، ويزور خادمًا، ويمشي مع جارية في حاجتها، وهو الرسول العظيم، والقائد الكبير، والسلطان المهيب.
ذلكم هو التأديب الذي أدبه الله ﷿، ووعظه به قائلًا:
﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الحجر: ٨٨].
وحذره من مغبة الكبر، والجفاء مع المدعوين، فقال له: ﴿وَلا تَطْرُدِ الّذِينَ يَدْعُونَ رَبّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ..﴾ الآية. [الأنعام: ٥٢]
ولما اجتهد النبي ﷺ في مسألة عبد الله بن أم مكتوم الأعمى ﵁ فعبس في وجهه، جاءه التأديب الرباني ﴿عَبَسَ وَتَوَلّىَ* أَن جَآءَهُ الأعْمَىَ ...﴾. (١) [عبس: ١، ٢]
فهل عاتب رسول الله ﷺ - بعد ذلك - الأعمى، وهل وجد عليه .. أو اتخذ منه موقفًا .. إلا موقف الإكرام والمحبة ..
وانظر -يا رعاك الله- إلى هذا التواضع، والمخالطة، وماكان لهما من أثر عظيم في نفوس أصحابه، صدقًا، وتربية، وعملًا، جعلتهم خير أمة أخرجت للناس.

(١) عاب بعض الدعاة على من يقرأ هذه السورة، لأن فيها عتابًا للرسول ﷺ مدعيًا أن هذا العتاب من الله له، ولا ينبغي أن يكون منا له ﷺ .. ولا شك أن قائل هذا غلبت عاطفته على علمه، وكان منه حكمًا بغير دليل .. كيف وقد سطرها الله في كتابه إلى يوم يبعثون، كيف وقد قال تعالى: «واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك ...» وسورة: «عبس» مما أوحي إلى رسولنا .. لقد غفل هذا المسكين عن أن في هذا العتاب درسًا تربويًا عظيمًا .. وأننا معشر أهل السنة والجماعة كلما قرأنا هذه السورة ازددنا حبًا لرسول الله ﷺ وازددنا إجلالًا له .. وإذا كان هذا الداعية - الذي عاب على من قرأ هذه السورة - يجد في نفسه على الرسول ﷺ أو يرى في قراءتها منقصة للرسول ﷺ، فهذا شأنه .. هداه الله إلى معرفة الدليل .. وعدم القول على الله بغير علم.

1 / 124