[الفائدة الثالثة والعشرون: في تقسيم الفعل]
لأصحابنا في تقسيم الفعل طريقة حسنة، وذلك أنهم قالوا: ينقسم إلى ماله صفة زائدة على حدوثه وصفة جنسه، وإلى ما ليس ذلك أي ليس له صفة زائدة على كونه فعلا كانخفاض الرمل عند السير، والكلام اليسير، ونحو ما يقع من الساهي ولا مدح فيه، وأما ما له صفة زائدة فهو فعل العالم بفعله المميز له إذا لم يكن ملجأ، وهو ينقسم إلى: ماله فعله، وإلى ما ليس له فعله، الأول الحسن وهو ما لا يستحق فاعله ذما بوجه، والثاني القبيح وهو ما يستحق فاعله الذم على بعض الوجوه إلا في حالة عارضة، وقلنا: على بعض الوجوه لتدخل الصغائر والقبائح الواقعة من الساهي والنائم؛ لأن القصد غير شرط عندنا ولتدخل ما يقع من الصبي والمجنون؛ لأن العلم غير شرط وما وقع من المكره والملجأ عند من يقول بقبحها، إذ لا يستحق الذم عليها إلا على بعض الوجوه.
فإن قيل: لم وصفتم فعل الساهي ونحوه بالقبح، ولم تصفوه بالحسن؟ قيل: لأن القبيح يقبح لوقوعه على وجه من أي فاعل كان، ولا يحسن الحسن إلا لغرض فيه وتعريه عن سائر وجوه القبح عند الجمهور، وقلنا: إلا في حالة عارضة للاحتراز عن أكل الميتة وشرب الخمر للمضطر فقد يجب، ومع ذلك فإنه يستحق الذم عليه على بعض الوجوه، وحالة الوجوب عارضة، والأصل القبح؛ لدخوله في حد القبيح، ثم الحسن ينقسم إلى ما له صفة زائدة على حسنه، وإلى ما ليس له ذلك، وهو ما أعلم فاعله حسنه أو دل عليه.
(السيد مانكديم): ولهذا لا توصف أفعال القديم تعالى بالمباح، وإن كان فيها ما صورته صورة المباح كالعقاب.
صفحه ۱