[الفائدة التاسعة عشرة: في الداعي والمرجح]
ظاهر كلام المهدي يقضي بأن كل أمرين استوى الداعي إليهما، فإنه يصح من القادر اختيار أحدهما لا لمرجح، والحجة على ذلك أنه يصح من الهارب سلوك أحد الطريقين، ومن الجائع اختيار أحد الرغيفين، ونحو ذلك مع الاستواء في المقصود من كل وجه، لا لمرجح، وذلك معلوم ضرورة، وأيضا قد ثبت أن القادر من له أن يفعل وأن لا يفعل، وأنه لا يحتاج في الإيجاد إلى مؤثر سوى قادريته، وهو ينفي القول باحتياجه إلى المرجح، وإلا بطل معنى كونه قادرا.
نعم، والقول بعدم الحاجة إلى المرجح إنما هو بالنظر إلى ذات الفعل، فأما النظر إلى مطابقة الحكمة والعادة فلا بد منه، واختار (ي)، والحسين بن القاسم في الغاية وشرحها القول بالمرجح.
قال (ي) ما حاصله: إن قيل ما الذي يرجح وجود المقدور على عدمه؟
قيل: القادر، فإن قيل: فلم اختص بالحصول دون ضده، وبهذا الوقت دون ما قبله وما بعده؟
قيل: الفاعل المختار أوجده لقيام داعيه، فإن قيل: فلنفرض قيام الداعي في كل واحد من الضدين على سواء؟
قيل: من هاهنا يتميز القادر على الموجب، إذ لو طلبنا مخصصا لأحد مقدوريه دون الآخر لألحقناه بالموجب، وخرج عند حد الاختيار، وهذا يرفع ما عرفناه ضرورة من الفرق بين القادر والموجب، وقد حصل من مجموع ما ذكرناه أن الفاعل مفتقر في الأصل إلى الداعي ليبعثه على الفعل، وعند فرض الاستواء في الفعلين من كل وجه يفعل أحدهما دون الآخر من غير أثر وراء كونه فاعلا مختارا.
وفي كلامه عليه السلام رد لشبهة المجبرة بالداعي والمرجح.
صفحه ۱