فأما غير المثير فلا يصح الاستدلال به على إثبات الصانع وعدله؛ لأنه يكون دورا إذ يكون دليلا، إلا إذا أثبت أنه من عند الله، ولا يثبت ذلك إلا بعد صحة ثبوت الله تعالى وعدله، فيتوقف الدليل على ثبوت المدلول عليه، وهذا هو الدور.
(السيد أحمد بن محمد لقمان): ويصح الاستدلال بالقرآن على وجوده تعالى، لا على طريقة الاستدلال به على الأحكام الشرعية، بل على طريقة أخرى وهي أن يقال القرآن كلام، ولا بد له من متكلم، وليس المتكلم به البشر؛ لعجزهم عن معارضته بعد التحدي، فلم يبق إلا أنه كلام متكلم غيرهم، مخالف لهم في جميع صفاتهم، وليس ذلك إلا الله، والاستدلال به على هذه الطريقة؛ كالاستدلال بسائر المخلوقات، وقد نبه الله على ذلك بقوله: {هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب} [إبراهيم:52]، فبين تعالى أن القرآن جميعه بلاغ ومنذر وسبب للعلم بوحدانية الله تعالى، وللتذكر، والتفكر من أهل العقول، وليس ذلك إلا على هذه الطريقة.
(المنصور بالله): ولا يستدل على نفي التشبيه، وعلى كونه تعالى موجودا بالسمع، لما مر الإمام عز الدين عن (ي)، ويصح الاستدلال على كون أفعال العباد منهم، وما جانسها بالسمع إذ يكفي في صحة السمع الدلالة على أنه تعالى عدل حكيم على الجملة؛ لأنه إذا ثبت ذلك، وثبت نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صح السمع.
صفحه ۲