قيل: نقول بموجبه إذ المراد أنه لا يجوز تأويله إلا بما أرشد النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرجوع إليه، وقد نبه على ذلك بأمره بالرجوع إلى الكتاب تارة، وإلى السنة أخرى، وإلى العربية تارة أخرى، وهذا هو المراد بما مر في بعض الروايات من قال في القرآن بغير علم، ورواية الحسن بن يحيى؛ لإجماع العترة على النهي عن تفسير القرآن بغير علم، ومن رجع إلى ما دله النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الرجوع إليه في التفسير؛ فقد رجع إلى ما نزل به جبريل عليه السلام، وإلى سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل عليه السلام، وهذا نص في أنه ليس كل آية يتوقف تفسيرها على تفسير من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد ثبت أن الصحابة كانوا يفسرون القرآن ويستنبطون منه على وجوه مختلفة؛ لأنه ذو وجوه، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام لابن عباس لما أمره بمحاججة الخوارج (حاججهم بالسنة؛ فإن القرآن ذو وجوه)، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لابن عباس بعلم التأويل دليل على أن من التأويل ما يرجع فيه إلى قوة الفهم، وقد قال علي عليه السلام في ابن عباس: كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، وكان يثني على تفسيره، ويحض على الأخذ عنه، والحاصل أن الرأي المنهي عن التفسير به ما لا أصل له في كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا لغة، ولا تقتضيه القواعد النحوية، والأصولية، والقضايا العقلية، بل مجرد عصبية، واتباع للهوى.
صفحه ۳