واعلم أن لمن كان من أهل النظر والرد لما اختلف فيه أهل البيت عليهم السلام إلى الكتاب والسنة أن يستعين بأنظار غيرهم من العلماء، فالحكمة ضالة المؤمن كما روى ذلك عن علي عليه السلام مرفوعا.
وفي النهج عنه عليه السلام (الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق).
وقال عليه السلام: (خذ الحكمة أين كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتختلج في صدره حتى تخرج، فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن) على أن العلماء ورثة الأنبياء.
وقال فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم :((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله )) لا سيما اتباع العترة الطاهرة رضي الله عنهم، وليس المقصود إلا الاستعانة بما فهموه من الأدلة، ونبهوه عليه من مدلولاتها، ثم يميز الناظر بعقله بين صحيحها وسقيمها، ويصير ما نبهوا عليه كأنه الذي فهمه واستنبطه، ولا يبعد أن هذا الأمر مجمع عليه، وإلا فما فائدة الكتب وتدوين الأقوال فيها، هذا مع التيقظ والحذر عن الخروج عن دائرة أقوال العترة الزكية، فقد قدمنا الإشارة إلى الدليل على أن الحق لا يخرج عن أيديهم، فمهما لم تكن استعانتك بأنظار غيرهم إلا للترجيح بين مختلف أقوالهم، فلا حرج عليك في ذلك، لما مر من وجوب الترجيح بين أقوالهم على المميز المتأهل للنظر، وهم كلهم كسفينة نوح، من ركبها نجا، وهم عيبة العلم، وموئل الحكم، وقرناء الكتاب، ونفاة الشك والارتياب، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: (أين يتاه بكم عن علم تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة، حتى صار في عترة نبيكم) رواه في النهج ولله القائل:
دع عنك علما غير ما خزانه آل الرسول سفينة الأحكام
صفحه ۵