لولا الخطوب لم يدع ميراثه نحن نتكلم هاهنا فيما وعدنا به من الموضع الثاني، وهو في حكاية طرف من أحوال أمير المؤمنين -عليه السلام- وأحوال أبي بكر، وعمر، وعثمان في ابتداء الأمر وانتهائه، ويدخل في ذلك بيان شئ من التنازع والتشاجر الواقع بين الصحابة لنبين طرفا مما أجملناه في الأبيات المقدم ذكرها الآن اعلم أرشدك الله تعالى أنه لا خلاف في وقوع التنازع والتشاجر بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الإمامة فيما بلغنا عن الصحابة والتابعين والناقلين عنهم إلى يومنا هذا، وسبب ذلك صرفهم الأمر عن مكانه، وإخراجهم له عن معدنه فإن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان قد وجه بعث أسامة وحرضهم وحرض الناس على التقدم معه، وجعل أبا بكر، وعمر وأبا عبيده، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم من المهاجرين والأنصار تحت رايته، ولم يرخص لهم بالمقام في المدينة، وكان-عليه السلام -في حال مرضه يحرض الناس على ذلك أشد التحريض، ويضيق عليهم، ولم يرخص لأسامة في المقام بالمدينة؛ لما هم بانتظار أمر الرسول –صلى الله عليه وآله وسلم، وما يصير إليه من مرضه عند شدة المرض به؛ بل لم يدعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وفيهم أبو بكر، وعمر، وهو يقول انفذوا في جيش أسامة وفي بعض الأخبار انفذوا جيش أسامه لا يتخلف عن بعثه إلا عاصي لله ولرسوله فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ثقيل مغمى عليه، فدخل أسامة وعيناه تهملان، وعنده العباس، والناس حوله فتطأطا عليه أسامة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يرفع يده إلى السماء ثم ينصبهما.
صفحه ۱۰