ثم اختلف هؤلاء فقالت الإمامية إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نص عليه نصا جليا يعلم كل أحد ممن سمعه قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ضرورة، وقالت الزيدية الجارودية بأن النص على إمامته عليه السلام مما يحتاج في معرفة المراد به إلى تأمل ونظر، وما هذه حاله فقد يجوز أن يخطئ فيه البعض، ويصيب البعض، ويجوز أن يكون بعضهم قد اضطر إلى قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، ولم يضطر الباقون، ومن اضطر منهم كتم بعضهم وسكت بعضهم، ومن لم يضطر منهم يجوز أن يكون قد استدل بعضهم على قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك وبعضهم قد أخل بما يجب عليه من النظر والإستدلال فجعل مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فلهذا لا يقطع على فسق من هذه حاله ما لم يظهر من بعضهم ما يوجب الفسق هذا هو ظاهر مذهب الزيدية الجارودية، وأنه كان يوجد في كلام أمير المؤمنين وكلام غيره من الأئمة عليهم السلام من التوجع، والتألم على المشائخ الثلاثة ما سيأتي ذكر بعض منه فيما بعد إن شاء الله تعالى وفيه ما فيه فنسأل الله تعالى الثبات على ما يرضيه، وذهبت المعتزلة ومن طابقها من الزيدية الصالحية، والخوارج، وأصحاب الحديث إلى أن الإمام بعد الرسول عليه السلام هو أبو بكر، واختلفوا في طريق إمامته فالمحصلون منهم: يقولون طريقها العقد، والاختيار، والآخرون يقولون طريقها النص من النبي صلى الله عليه وسلم على إمامته وهم في النص على قولين مثل ما مضى في النص على إمامة أمير المؤمنين، والخلاف في كونه جليا أو خفيا، فهذا هو الكلام في الموضع الأول.
وسوف يبدوا لك وجه الحجج
لكن تعاموا عن ضياء المنهج
لما قضى المختار فيهم نحبه ... يسطع نورا كالصباح الأبلج
وكم وكم بين خلي وشجي
وهجمت على أخيه الكربه
وقام في جهازه والأهبه
نادى أبا بكر إلى الأمر عمر
وغادراه ميتا خير البشر ... ولم يضع أخوة وصحبه
فجد واستقلق فيه واستشر وكان أولى عند هذا بالنظر[5-ج]
صفحه ۸