انوار و محاسن اشعار
الأنوار ومحاسن الأشعار
فشَدَّ فيها شَدَّةَ المُغِيرِ
أَو مثْل شَدِّ الحَنِقِ المَوتُور
فرَدَّ أُولاَهَا على الأَخِيرِ
ثمّ انْتحَى لسَلْهَبٍ دَرِيرِ
فصَادَهُ بلَهْذَمٍ مَطرُورِ
مُفرِّقٍ مجامِعَ السُّحُورِ
تخالُ منْهنّ شَبَا الأُطْفُور
مثْلَ سِنَان الحَرْيَةِ المَطْرُورِ
ورَدَّ بَيْنَ الأَيْنِ والفُتُورِ
عِشْرينَ عُلْجُومًا إِلى يَعْفُورِ
مَخْضُوبَة الأَظْلافِ والنُّحُورِ
قُلْ لظِبَاءٍ بالحَزِيز صُورِ
هَيْهَاتَ لا مَنْجَاةَ من زُنْبُورِ
فأَنْجِدِى إِن شِئْتِ أَو فغُورِى
يالَك يَوْمًا جامِعَ السُّرُورِ
وفيما مرَّ من صفات الكلب لأبي نواس مقنعٌ، ونذكر صفات غيره، ثمّ نذكر بعد ذلك سائر الجوارح إن شاء الله.
ولشرشير الجدليّ في الكلب:
قدْ اغْتَدى واللَّيْلُ في حجَابهِ
لم تُحْلَل العُقْدةُ من نِقَابهِ
بأَغْضفٍ يَعيشُ مَنْ غَدَا بهِ
يَخُطُّ بالبُرْثُنِ في تُرَابهِ
خَطَّ يَدِ الكاتِب في كِتَابهِ
مُلْتَقِطًا للخَطْوِ في انْتدابهِ
لقْطَ يَدِ المَاهرِ في حِسابهِ
حتّى إِذا أُطْلِقَ عن جِذَابهِ
مَرَّ يَدُرُّ السَّحُّ من أَهْدَابهِ
كمّا يَدُرُّ القَطْرُ بانْسكابِهِ
مُنْضَرِجًا يَلْمَعُ في انْسِيابِهِ
كلَمَعَانِ البَرْقِ في سَحَابِهِ
أَو كانقِضَاضِ النَّجْمِ في شِهَابِهِ
يَنْتَصِلُ الأُطفورُ مِن قِنَابِهِ
كمَا يُسَلُّ السَّيْفُ في مَراَبِهِ
تَخالُه ما جَدَّ في إِلْهَابِهِ
مُفَرِّيًا بالحُضْر من إِهَابِهِ
والوَحْشُ أَسْرَى طُفْرِه ونَابِهِ
وهذا إذا تأمّلته وجدت أكثره مأخوذًا من أبي نواس.
وله فيه:
يا رُبّ كَلْبٍ رَبُّهُ في رِزْقهِ
يَرَى حُقُوقَ النَّفْسِ دُونَ حَقِّهِ
تَرَاهُ في تَسريحِه ورِبْقِهِ
وحِذْقِه ببِرِّه ورِفْقِهِ
كعَاشِقٍ أَضْنَاه طُولُ عِشْقِهِ
أَصْفَر يُلْهِى العَيْنَ حُسْنُ خَلْقِهِ
كذَهَبٍ أَبْرَزْتَهُ من حُقِّهِ
ذي غُرَّةٍ قارِعَةٍ لفَرْقِهِ
وذي حُجُولٍ بَيّنَت عن سَبْقِهِ
وَيْلٌ لأَظْبٍ سَنَحَتْ لطُرْقِهِ
وله أيضًا فيه:
يا رُبّ كَلْبٍ أَهلُهُ في كَسْبِهِ
يَقُوتُهم بِسَعْيهِ وَدَأْبِهِ
يَطُنُّهُ الناظرُ رَبَّ رَبَّهِ
يَرَاهُ أَدْنَى من سُوَيْدَا قَلْبِهِ
يُؤْثِرُهُ على كَريمِ صَحْبِهِ
يَعْدُو بكَشْحٍ لاحِقٍ بجَنْبهِ
ومُقْلَةٍ مُبِينَةٍ عن إِرْبِهِ
أَجَدّ كالرِّثْمِ نَأَى عن سِرْبِهِ
مُمَلّك في العَدْو قُطْرَىْ سَهْبِهِ
يُلْحِقُ شَدًّا شَرْقَهُ بغَرْبِهِ
وله أيضًا:
لمّا أَجالَ الفَجْرُ في أَستارِهِ
كَفًّا وقَضَّى اللَّيْلَ من أَوطَارِهِ
عَدَوْتُ أَبغى الصَّيْدَ في ديَارِهِ
بأَتْلَعٍ يَنْسَابُ في ازْوِرارِهِ
مثْلَ انْسيَاب الأَيْمِ في اغْترارِهِ
مُثَفَّف كالسَّهْم في اضْطمارِهِ
ومَرِّه في الجوِّ وانْكِدَارِهِ
تَسْتَعِرُ الأَرضُونَ باسْتعارِهِ
أَصْفرُ قد رُوِّىَ مِنْ نُضَارِهِ
كَمَا تَرَوَّى الغُصْنُ من قِطَارِهِ
يَكْشِفُ إِن لاَقاكَ بافْترارِهِ
عن عُصُلٍ تَدْعُو إِلى جِذَارِهِ
يطِيرُ إِنْ قَلَّصَ عن أَشفارِهِ
عن عَيْنِه ما انْجَابَ من شَرَارِهِ
مُحَجَّلٌ يَسْتَنُّ في شَوَارِهِ
مثْلَ اسْتِنانِ المُهْرِ في عِذارِهِ
قد أَحْكَمَ التَّضبيرُ من إِضْمَارِهِ
فوَسْطُه يُدْمَجُ في أَقْطَارِهِ
يَمْثُلُ كاللَّيْث أَوَانَ زَارِهِ
مُسْتَوْضِحًا كطَالِبٍ بثَارِهِ
مُسَرْوِحًا يَدْعُو إلى أَوْتَارِهِ
يَقْضِى على الخائِمِ في وَجَارِهِ
مِن قَبْلِ أَن يَدْنُوَ من جِوَادِهِ
لا تُدْرِكُ الرِّيحُ لَدَى ابْتِدارِهِ
منه سِوَى الثائِر من غُبَارِهِ
أَطلَقْتُه للصَّيْدِ من أَسْيَارِهِ
فما كَفَفْتُ الطَّرْفَ عن مَصارِهِ
1 / 97