ولمّا نَزلْنا الساحليْنٍ تجاوبَتْ ... أبا عرنا لمَّا ازدَهَتْهَا النَّواعيرُ
وحنَّتْ نَوَاعيرُ الفُرَاتِ بأرضِهَا ... فلمَّا استحنَّت جاوَبَتْهَا الأبَاعِرُ
أبا عرنا بعض الحَنينِ فإنّه ... إلى غَير شيءٍ ما تحِنُّ النَّواعِرُ
سِوَى أنّهَا تُشجى الحزينَ الّذي به ... إلى رُؤيةِ الأَحبابِ داءٌ مُخَامِرُ
إذا نَحْن أخْفَيْنَا الَّدفينَ الّذي بنَامن الوَجْدِ نَمَّتْهُ الدُّمُوعُ البَوَادِرُ
وللمجنون:
باتَتْ تَحِنّ وما بها وَجْدُ ... وأحِنُّ من وَجْدٍ إلى نجْدِ
فدُموعُهَا تَسقى الرّياضَ بها ... ودُموعُ عَيْنى أَقْرحتْ خَدِّى
ولعبد الله ابن مسعود:
حَنَنْتُ إليك من شَجْوٍ وحَنَّتْ ... نواعيرُ الفُراتِ لغَيْرِ شجْوِ
١٢٣ - ألف خَلَوْنَ من الهَوَى ومُلئْتُ منه ... وليس أخو صَبَابَاتٍ كخلوِ
سَقَيْنَ الُحلْو من ثَمَرٍ وتسْقِى ... دُمُوعِى مِن هُمومى غَيْرَ حُلْوِ
وله أيضًا:
نَزَلْنَا بالفُرّات ضُحًى فحّنَّتْ ... نَوَاعِرُه حَنينَ المُعْوِلاتِ
وظلْتُ أحنُّ من شَوْقٍ وليسَتْ ... تحنُّ له نَوَاعِيرُ الفُراتِ
وبِتُّ من الصَّبَابَةِ مُستهامًا ... إليك وبِتْنَ مِنْهَا خالياتِ
سَوَاءً ما سَقَيْنَ وما جَرَتْهُ ... جُفونى من دُمُوعي الهاطلاتِ
وقلت:
نَزَلْنَا بأكْنافِ العِرَاق فهيَّجَتْ ... نَواعيرُه أحزانَنا حين حنَّتِ
تحِنّ وتَسْقى الرَّوْضَ ريًّا ولم تّذُقْ ... هَوَاىَ الّذي منه دُموعي اسْتَهلَّتِ
ولم تَعْرِفِ الشَّوْقَ الّذي في جَوانحي ... ولا حُرّقًا بين الضُّلُوعِ اسْتكنَّتِ
ولو عَلِمَتْ ما قَد لَقِيتُ ومُلِّكتْ ... لِسَانًا لبَاحَتْ بالهَوَى وتَشكَّتْ
ولعبيد الله بن مسعود:
ولمّا استَحَنَّتْ بالفُرَاتِ عَشيَّةً ... نَواعيِرُه كادَ الفؤادُ يَبينُ
تَحِنُّ بلا حُزْنٍ وشَوْقٍ أصابَهَا ... وللقَلْبِ من شَوْقٍ إليك حنينُ
سوَاءٌ بُكَاءُ العَيْنِ منّىَ والّذي ... بَكَيْنَ ولكنْ ما لَهنَّ عُيُونُ
على أّنّني والله قد أَقْرَحَ البُكَا ... جُفوني ولم تُقْرَحْ لهنّ جُفُونُ
ولأحمد بن محمّد المصِّيصيّ:
وَصَلَتْ نَوَاعيرُ الجِنانِ حنينَها ... فأَذْكَرت الهَوَى أخلاقُها
وكأَنّما طَفِقَتْ تُوَاصلُ أَدمُعي ... يَوْمَ النَّوَى وقد انْهمي مُهْراقُها
أعجِبْ بأجْسَامٍ بَدَائعَ خالَفَتْ ... فيخَلْقِهَا وتَنكَّرَتْ أخلاقُها
أفْواهُها أوْسَاطُها وعُيُونُها ... بجُنوبهِنَّ كثيرةٌ آماقُهَا
ولصالحٍ الدَّيلميّ يصف الدُّولاب:
ومُسْتَديرٍ بالا رُوحٍ تُدَبِّرُهُ ... يُديرُهُ قُطُبٌ في الأرضِ مَرْكوزُ
كأنّه فَلَكٌ تنقَضُّ أنْجُمُهُ ... إذا تَصَوَّبَ من كِيزَانِهَا كُوزُ
وللخبّاز البلديّ في دولاتب:
يَسُوقُ من جِجْلَةَ الرّوَاءَ له ... سَحَابَةٌ أُنْشِئَتْ من الخَشَبِ
نَجُومُ ماءٍ يُديرُها فَلَكٌ ... يكْثُرُ منه تَعَجُّبُ العَجَبِ
مُزمْزِمٌ ما يَبينُ مَنْطِقُهُ ... كقائِدِ التُّرْك غدْوةَ الشعبِ
يُتْعِبُ جِدًّا مُحصى تَقلُّبِهِ ... وهو مُعَافىً من شِدَّةِ التَّعَبِ
ولأبي طالب الحُسين بن عليّ:
بمشَعِّرٍ في السَّيْر إلاّ أنّه ... يَسْرِى فيمنعُهُ السُّرَى أن يَبْعُدَا
وَصَلَ الحَنينَ بعَبْرةٍ مسفوحةٍ ... حتّى حسبْناهُ مَشوقًا مُكَمَدَا
مُسْتَرْفِد ماءَ الفُراتِ ورافدٍ ... وَجْهَ الثَّرَى أكْرِمْ به مُسْتَرْفدا
1 / 74