فَما زَالَ يُدْئِبُهَا ماجِدٌ ... على الأَيْنِ حتى انْطَوت وانْطَوَى
ولشَرْشِير:
على جَسْرةٍ لا يُدْرِكُ الطَّرفُ شَأْوَهَا ... إِذا جَدَّ مِن نصِّ الوَجيفِ ذُمُورُ
مُوثَّقَةٍ لم يَنْحَضِ البِيدُ لَحْمَهَا ... قَوائِمُها فوقَ الصُّخورِ صُخُورٌ
تُفَتّقُ عن ذاتِ الوِحَادِ جُرُومُها ... ولا يَبْلُغُ الرُّكْبَانُ حيثُ تُغِيرُ
مُضبَّرَةٍ جَلْسٍ فأَمَّا عِظَامُها ... فرَصْفٌ وأَمّا لِيطُهَا فحرِيرُ
كأَنّي إِذا عالَيت جَوزَةَ مَتْنِهَا ... على عُلَوِيَّات الرِّيَاحِ أَسِيرُ
ولنُصِبٍ الأَصغَر، ويُكْنَى أَبا الحَجْنَاءِ، يَصِف ناقةً وسُرعتها:
هي الرّيح إلاّ خَلْقَها غير أَنّهَا ... تَبِيتُ غَوَادِي الرِّيحِ حيُ تَقِيلُ
وهذا إِسرافٌ في الوصف للسرعَةِ. ولم يَصفْ أَحدٌ ممن تقدَّمَ وتَأخًّر النَّاقةَ أَحسنَ من وَصْفِ طَرفةَ بن العَبْد، فإِنّه جَمع صِفَاتٍ خَلْقِهَا وسُرْعَتَها، فجاءَ بها بأَحسنِ كَلامٍ، وأَوضحِ تَشْبِيهٍ بقوله:
وإِنّي لأُمْضِي الهَمَّ عند احْتِضارِه ... بعَوْجَاءَ مِرْقالٍ تَرُوحُ وتَغْتدِي
أَمُونٍ كأَلْوَاح الإِرانِ نَسأْتُها ... على لاَحِبٍ كأَنّه ظَهْرُ بُرْجُدِ
نُبارِي عِتَاقًا ناجِيَاتٍ وأَتْبَعَتْ ... وَظِيفًا وَظِيفًا فَوق مَوْرٍ مُعَبَّدِ
وفيها:
لها فَخِذانِ أُكمِلَ النَّحْضُ فيهما ... كأَنَّهما بَابَا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ
وطَيُّ محالٍ كالحِنيِّ خُلُوفُه ... وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
كأَنّ كِناسَيْ ضالَةٍ يَكْنُفَانِهَا ... وأَطْرَ قِسِيٍّ تحت صُلْبٍ مُؤَيَّدِ
لهَا مِرْفَقَانِ أَفتَلانِ كأَنّمَا ... تَمُرُّ بسَلْمَى دَالجٍ مُتَشَدِّدِ
كقَنْطَرةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّها ... لتُكْتَنَفنْ حَتَّى تُشَادَ بقرْمدِ
صُهَابِيَّةُ العُثنُونِ مُؤْجَدةُ القَرَا ... بَعِيدَةُ وَخْدِ الرِّجْل مَوّارةُ اليَدِ
أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ ... لَهَا عَضُدَاها في سَقِيفٍ مُسَنَّدِ
جنُوحٌ دٌفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفرِغَت ... لها كَتِفَاهَا في مُعَالَي مُصعَّدِ
ويَصف عُنُقَها فيقول:
وأَتلَعُ نَهّاضٌ إِذا صَعَّدَتْ به ... كسُكَّانِ بُوصِيٍّ بدِجْلَةَ مُصْعِدِ
وجُمْجُمةٌ مِثْلُ العَلاَةِ كأَنَّمَا ... وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلى حَرْفِ مِبْرَدِ
هذا البيت قال الأصمعيّ: لم يقل مِثْلَهُ أَحَدٌ وقد ذكَرنَا ما فيه وبيَّناهُ في أَبيات المعاني.
وفيها:
ووَجهٌ كقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَرٌ ... كسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لم يُحَرَّدِ
وعَيْنَانِ كالمَاوِيَّتَيْنِ اسْتَكنَّتَابكَهْفَيْ حِجَاجَىْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
طَحُورَانِ عُوَّارَ القَذَى فتَراهُمَا ... كمَكْحُولتَيْ مَذْعُورةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
ويصفُ أُذُنَيْهَا فيقول:
وصادِقَنَا سَمْعِ التَّوجُّسِ للسُّرَى ... لِهَجْسٍ خَفِيٌّ أَو لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ
مُؤَلَّلَتانِ تَعرِف العِتْقَ فيهما ... كسَامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ
ويصف طَوْعَها وحُسنَ قِيادها فيقول:
وإِن شِئْت سامَي وَاسِطَ الكُورِ رأْسُها ... وعَامَتْ بضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ
ويَصف إِسراعها ونَشَاطَها فيقول:
أَحَلْتُ عَلَيْهَا بالقَطِيع فأَجْذمَتْ ... وقد خَبَّ آلُ الأَمْعَزِ المُتَوَقَّدِ
فذَالتْ كما ذَالَتْ وَلِيدَةُ مَجْلِسِ ... تُرِي رَبَّهَا أَذْيالَ مِرْطٍ مُمَدَّدِ
؟ في الظُّعنِ
من أَجود ما قيل في ذلك قولُ المُثَقِّبِ العبْدي
لِمَن ظُعُنٌ تُطَالِع من صُبَيْب ... فما خرَجَتْ مِن الوَادِي لِحِينِ
1 / 69