فهُنّ مُعترِضاتٌ والحَصَى رَمِضٌ ... والرِّيحُ ساكنةٌ والظِّلُّ مُعْتدِلُ
يَتبَعْن سامِيَةَ العَيْنَيْن تَحسَبُها ... مَجْنُونَةً أَو تَرَى ما لا تَرَى الإِبلُ
وللأخطل:
جُمالِيَّةً غُولَ النَّجَاءِ كأَنَّها ... بَنِيَّةُ عَقْرٍ أَو قَرِيعُ هجَانِ
إِذا اعتْتَقَبَتْهَا الكفُّ بالسَّوْط رَاوَحَتْ ... على الأَيْنِ والتَّبغيلِ بالخَطَرَانِ
بذي خُصَلٍ سَبْطِ العَسِيبِ كأَنّه ... على الفَخْذِ والحَاذَينِ غُصْنُ إِهَانِ
كأَنّ مَقَذَّيْها إِذا ما تَحَدَّرَا ... على وَاضِحٍ من عُنْقِهَا وَشلاَنِ
وقال الجَرْميّ: سمعتُ امرأَةً من العرب تقول: ما ذَكَر النّاسُ مذكورًا خيرًا من الإِبِل، إنْ حُمِّلَت أَثقلَت، وإِنْ مَشَت أَبْعَدَتْ، وإِن حُلِبَت أَرْوَت، وإِنْ نُحِرَت أَشْبَعت، طويلةُ الظِّمْءِ، نَشِيطةُ المَشْي، ثَقيلة الحمْلِ، بَعيدةُ الرَّوْحِة من الغَدْوَة، كلُّ شيءٍ عليها عِيَالٌ.
وقال أَبو عُبَيْدَة: اسْتَمْنَحَ مسعودُ بن المختلس الشَّيْبانيُّ عَلْقَمَة بن شَمِر بن مُسْهِرٍ ناقَةً من إِبله، فأَبى أن يَمنحَه إيّاها فقال:
أَعلقَم يا بْنَ المُسْهِرَيْنِ حَرَمْتَني ... عُلاَلةَ نابٍ مُستعارٍ ضَرِيبُهَا
تَهَمَّيْتَهَا أَو نِلْتَها من عُمالةٍ ... إلى صِرْمةٍ كانَتْ قليلًا غَرِيبُهَا
قوله: تهمَّيتَها، أَي أَخذتَها هاميةً، أَي ضالّةً، وقوله: قليلًا غَريبها، أَي لا يُعطِي أَحدًا شيئًا، فغَرِيبُهَا في الناس قليلٌ. وقولُه: يا بْنَ المُسْهِرَين، أَبوه مُسْهِرٌ، وأُمُّه بنت عَمرو بن يَزِيد بن مُسْهِرٍ الذي هجاه الأعْشَى فقال:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني كأَنّما ... زَوَى بَيْنَ عَيْنَيهِ عليَّ المَحَاجِمُ
وللأَخطل في الإِبل المحبوسة للقِرَى:
ومَحْبُوسةٍ في الحَيِّ ضامِنةِ القِرَى ... إِذا اللَّيْلُ وَافَاها بأَشْعثَ ساغِبِ
مُعَقّرةٍ لا يُنكِر السَّيْف وَسْطُهَا ... إِذا لم يكن فيها مَعسٌّ لحالِبِ
إِذا اسْتقْبلتْهَا الرِّيحُ لم تَنْفتِلْ لهاوإِنْ أَصبَحَتْ شُهْبَ الذُّرَا والغَوَارِبِ
يُطِفْنَ بزيّافٍ كأَنّ هَ؟ دِيره ... إِذا جاوَزَ الحَيْزُومَ تَرْجِيعُ قاصِبِ
كأَنَّ اللَّهَا منها بَلاَعيمُ جِنَّةٍ ... وأَشْدَاقها السُّفْلَى مغَارُ الثَّعَالِبِ
وقال أَبو بكرٍ: أَنشدني أَبو يَعْلى العالي عن أَبي المشَاش، شيخٍ من بَلدِه، لذي الرُّمّة، وزعم أَنّه ما وُصِف بَعيرٌ بأَحْسَنَ منه:
يَكَادُ من التَّصْدِير يَنْسَلُّ كُلَّمَا ... تَحَرَّكَ أَو مَسَّ العِمَامةَ راكبُهْ
إِذا عُجْتُ مِنْهُ أَو رَأَى فَوْقَ رَحْلِه ... تَحرَّكَ شيءٍ ظَنَّ أَنِّيَ ضارِبُهْ
ولعُمر بن أَبي ربيعة:
فطافَتْ به مِقلاةُ أرضٍ تَخَالُهَا ... إِذا الْتَفَتَتْ مَجْنُونةً حين تَنْظُرُ
يُنَازِعُني حِرْصًا على الماءِ رَأْسُها ... ومِن دُونِ ما تَهْوَى قَلِيبٌ مُعَوَّرُ
مُحاوِلةٌ للوِرْدِ لولا زِمَامُها ... وجَذْبِي لَهَا كادتْ مِرَارًَا تكسَّرُ
للقِصافيّ وهو من أَحسن ما قيل:
خُوصٌ نَواجٍ إِذا صاحَ الحُداةُ بها ... رأَيت أَرجُلها قُدّام أَيديها
وفي سرعة النّاقة لآخر:
مَرُوح برِجْلَيها إِذا هِي هَجَّرتْ ... ويَمْنَعها من أَنْ تَطيرَ زِمَامُها
ومن التشبيه المُطَّرِد على أَلِسنةِ العربِ في سيرِ الناقةِ وحركة قوائمها قولُ الراجز:
كأَنّهَا ليلَةَ غِبّ الأَزْرَقِ ... وقد مدَدْنَا باعَها للسُّوَّقِ
خرقاءُ بينَ المُسْلمِينَ تَرْتَقِي
غِبّ الأَزرق، يعنِي مَوضعًا، وأَحسبُه ماءً.
وللقُطاميّ في السُّرعة:
وإذا تَخلَّفَ خَلْفَهنّ لحَاجَةٍ ... حادٍ يُشَسِّع نَعْلَه لم يَلْحَقِ
ولغيره:
إِذا بَرَكَتْ جَرَّتْ على ثَفِناتِها ... مُجافَيةً صُلْبًا كقَنْطرة الجِسْرِ
1 / 67