وقال الخَثعميُّ واسمُه الحارِثُ بن حُبَيْشٍ:
أَلاَ للهِ درُّ بَنِي زُهَيرٍ ... إذَا السَّفَّاحُ يَهْتَبِلُ المُغارَا
عَلى عُلْيَا هَوازِنَ مِن كِلاَبٍ ... ومِنْ كَعْبٍ ومَنْ حَلَّ الإِزَارَا
سمَا بالخيْلِ يَقْدُمُها عَتُودًا ... كتَيْسِ الرَّبْلِ يدَّرِعُ الغُبَارَا
إلى أَنْ صَبَّحتْ لِقُرَابِ شَهْرٍ ... وقدْ صارَ الهِلاَلً لَها سِرَارا
قبَائلَ مِن هَوَازنَ ناظِرَاتٍ ... مَتى السَّفّاحُ يصْبحُها دَمَارَا
بأَبنَاءِ الحَوَاصِنِ من زُهَيرٍ ... فَوَارسَ لا يَرَوْنَ القَتْلَ عارَا
فَلمَّا جالَتِ الفُرْسَانُ تَدْعُو ... رَمَى السَّفّاحُ كَبْشَهُمُ عُمَارَا
بأَسْمَرَ لا يَزَالُ له قتِيلٌ ... فغَادرَهُ يَمُجُّ دَمًا ونَارَا
ودَارَتْ بَيْنَهُمْ رَحَيَا مُدِيرٍ ... تُرَوِّي مِنْهُمُ الأَسَلَ الحِرَارَا
وقال السّفَاحُ في قَتْلِهِ عُمارَةَ بنِ مالِكٍ ومُحاماةِ بني زُهَير علَيْه.
لقد حامَتْ عليَّ بَنُو زُهيْرٍ ... ببِيضِ الهِنْدِ والأَسَلِ الحِرَارِ
غَدَاةَ عُمَارَةُ الجُشَميُّ يَسْمُو ... سُمُوَّ الفَحْلِ في ضَبَعِ البكَارِ
علَى قبَّاءَ تَخْفِقُ أَيْطَلاَهَا ... سنُون المَتْنِ كالمَسَدِ المُغَارِ
فيَطْعُنُنِي وأَطْعُنُه خِلاَسًا ... كخَطْفِ الصَّقْرِ أَعْشَاشَ القِفَارِ
مَلِيًّا ثُمَّ أَضْربُهُ بعَضْبٍ ... تُطِيرُ ظُبَاتُهُ لَهَبَ الشَّرارِ
فخَرَّ لِوَجْهِهِ يَكبُو صَرِيعًا ... كأَنَّ شؤُونَها فِلَقُ النُّجارِ
ولما رَجعَ أَقبلَ عليه بعضُ نسائه تلُومُه على كَثْرَة غزَواتِهِ ومُبَاشَرة الحَرْب بنَفْسه، فقال:
تَقُولُ ابنَةُ العَمْرٍيِّ مَالَكَ لا نَرَىلك الدَّهْرَ إِلاَّ هَمَّ حَرْبٍ تَسَعَّرُ
عَتَادُك منها لأْمَةٌ تُبَّعِيَّةٌ ... وأَبْيَضُ من مَاءِ الحَدِيدِ ومِغْفَرُ
وأَسمَرُ خَطِّيٌّ كأَنّ كُعُوبَه ... نَوَى القَسْبِ فيه كالذُّبَالةِ يَزْهَرُ
وأَجْرَدُ مِثْلُ القِدْحِ جَأْبٌ كأَنَّه ... ظَلِيمٌ بأَعْلَى الرَّقْمتَينِ مُنَفَّرُ
فقُلْتُ لها لا الغَزْوُ يُدْنِي مَنِيّةً ... ولَنْ يَدْفعَ الإِشْفَاقُ ما كُنْتُ أَحْذَرُ
وإِنَّكِ لو أَبْصَرْتِني يوْمَ صَبَّحْتْ ... هَوَازِنَ أَمْثَالُ السَّرَاحِينِ ضُمَّرُ
أُعَرِّضُهَا للطَّعْنِ في كُلّ غَمْرةٍ ... فتَسلَمُ أَحْيَانًا وحِينًا تُعَفَّرُ
عَلَيْهَا الأُلَى مِنْ تَغْلبَ ابْنةِ وَائِلٍلهُمْ في قَدِيمِ المَجْدِ مَبْدًى ومَحْضَرُ
لأَيقَنْتِ أَنّي فَارِسُ الخَيْلِ والَّذِي ... إِليه العَوَالِي والصَّفِيحُ المُذَكَّرُ
كيَوْمَيَّ في حيَّيْ فُقَيْمٍ ونَهْشَل ... ولا مِثْلَ ما لاَقى الضِّبَابُ وجَعْفَرُ
فصَبَّحْتُهم قَبْلَ الشُّرُوقِ بِغارَةٍ ... مُذَرَّبةٍ فيها القَنَا والسَّنَوَّرُ
وغُودِرَ عبْدُ الله في النَّقْع ثَاوِيًا ... عليه ذِئَابٌ ضَارِيَاتٌ وأَنْسُرُ
علَى وَجْهه يَدْعُو فَوَارِسَ قَوْمِهِ ... فلَمْ يَأْوِ إلاّ فارسُ القوْمِ مَعْمَرُ
فطَاعَنَنا صَدْرَ النَّهَارِ كأَنَّه ... ضُبَارمَةٌ يَحْمِي العَرِينَ غَضَنْفَرُ
فَمَا رامَ حَتّى بُلّ جَيْبُ قَمِيصهِ ... بمَلاّسةٍ تَنْفِي السِّدَادَ وتَفْغُرُ
وقال غَنْمُ بن مالكٍ في قَتْله عبْدَ الله:
ولمَّا رَأَوْني في الكَتيبة مُعْلِمًا ... تَنَادَوْا وقالُوا ذَاكَ غَنْمُ بنُ مَالِكِ
وأَسْمُو لعَبْد الله والنَّقْعُ سَاطعٌ ... علَى ظَهْرِ مَوَّارِ العِنَانِ مُوَاشِكِ
فلاَقَيْتُه والخَيْلُ بَيني وبينَه ... بأَزْرَقَ مَخْشِيِّ الوَقِيعةِ بَاتِكِ
1 / 48