ودليله أنه أعلم الخلق بالله، والدرجة التي هناك لا تقاس بما بعدها، وإن تعددت فإن المجموع لا يقوم منه ما يساوى، فإن الذوات لا تتحد، فاعلم.
وأيضا إذا قلنا: إنه أفضل من إبراهيم فالمرتبة أو الدرجة التي يفضله بها أي شيء يقاس بها لا بد لها من تنظير تنظر معها، ثم سلمنا أنه أرفع الأنبياء منزلة في الجنة، والكل دونه فلا ينفع ما عظم واجتمع، فإنه مع ما هم فيه ينظر إليهم من تحت.
فاعلم ذلك ولا تقس الأمر فيه بالمحسوس، فتقول: هو صاحب ألف درهم في التمثيل، وهم من مجموع الكل منهم، وإن كان لكل واحد منهم مائة جملة.
قيل: ما الأمر الذي نحن فيه هذا يشابهه، فإنك هناك تقيس الأمر بقدره وهي درجة عند الله، فاعلم.
وأما النور الثالث والعشرون: وهو نور التفضيل: فهو يكشف له (صلى الله عليه وسلم) على قدره بالنظر إلى الرسل (عليهم السلام)، ومقر له بأنه سيد ولد آدم (عليه السلام).
وقول الله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا ، فنحن في الأمم مثله هو في الأنبياء والرسل (عليهم السلام).
وأما النور الرابع والعشرون: وهو نور الإحاطة: فهو يكشف له أنه عين المعنى المجموع الذي إليه تصل العناية العلمية والعملية، ومع كل محمود محترم يشار إليه فهو الذي أحاط بها، وجميع ما تفرق في الأنبياء اجتمع به وله ولأمته وفي ملته (صلى الله عليه وسلم).
وأما النور الخامس والعشرون: وهو نور الحصر: فهو النور الذي يكشف له عن الخواص عن المراتب وعن المنامات حتى عن أقصر ما يمكن.
فإذا قدرنا أنه نالها لا يجد أحد بعده ما يطلب مثل ما تقول يتيمة الدهر عند الملك لا يملكها أحد معه كذلك القول فيه، فله الوسيلة والدرجة الرفيعة، فهذا هو الحصر فإنه الذي ملك الأوفى من الكل.
وأما النور السادس والعشرون: وهو نور العلامة والدلالة: فهو الذي كشف له (صلى الله عليه وسلم) صورة منتظرة ومعتبرة، فإن الكتب نطقت به، وكذلك الصنائع العلمية كلها حتى الكهانة.
صفحه ۷۹