ـ[جمل من أنساب الأشراف]ـ
المؤلف: أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البَلَاذُري (المتوفى: ٢٧٩هـ)
تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي
الناشر: دار الفكر - بيروت
الطبعة: الأولى، ١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
عدد الأجزاء: ١٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
_________
مواصفات طبعة المجلدات الخمس الأول:
١ - أنساب الأشراف، البلاذري، تحقيق محمد حميد الله، مصر، دار المعارف، ١٩٥٩.
٢ - أنساب الأشراف، البلاذري، تحقيق محمد باقر المحمودي، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط الأولى، ١٩٧٤/١٣٩٤.
٣ - أنساب الأشراف، البلاذري، تحقيق محمد باقر المحمودي، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، ط الأولى، ١٩٧٧/١٣٩٧.
٤ - أنساب الأشراف، البلاذري، تحقيق عبد العزيز الدوري، بيروت، جمعية المستشرقين الألمانية، ١٩٧٨/١٣٩٨.
٥ - أنساب الأشراف، البلاذري، تحقيق إحسان عباس، بيروت، جمعية المستشرقين الألمانية، ١٩٧٩/١٤٠٠.
صفحه نامشخص
الجزء الأول
[القول في بيان نسب النبي ﵌]
[١- من نوح إلى عدنان]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وبه ثقتي
(نسب نوح وأولاده:) [١]
١- قَالَ أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن جابر: أَخْبَرَنِي جماعة من أهل العلم بالكتب قالوا:
نوح ﵇ بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ- وهو إدريس ﵇ بن يارد بن مهلائيل [٢] بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم.
٢- وقالوا: لما قتل قائين بن آدم أخاه هابيل، ولد لآدم شيث. فقال آدم: هذا هبة من الله، وخلف صدق من هابيل. فسمي شيث: هبة الله.
٣- وروي عن محمد بن إسحاق بن يسار [٣]، إنه قال:
سمي أخنوخ «إدريس» لأنه أول من خط بقلم، ودرس الكتب. قال:
وكأن أنوش أول من غرس النخلة، وزرع الحبة، ونطق بالحكمة.
٤- وقال بعض أهل المدينة:
هو نوح بن سلكان بن مثوبة بن إدريس ﵇ بن الزائد بن مهلهل بن قنان بن الطاهر بن هبة الله بن آدم، وزعم أن ذلك عن الزهري.
والأول أثبت وأشهر.
٥- وحدثني عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي، عن أبيه، عن جده وغيره، قالوا:
العرب العاربة عاد، وعبيل ابنا عوض بن إرم بن سام بن نوح. وجرهم
_________
[١] زدنا العنوان للوضاحة.
[٢] خ: بهلاليل والتصحيح عن ابن سعد وابن حبيب والطبرى وغيرهم.
[٣] ليس عند ابن هشام ولكن ذكر السهيلي (١/ ١٠) عن «ابن إسحاق في الكتاب الكبير» وأشار إليه أيضا تأريخ الطبرى، ص ١٧٤.
1 / 3
بن عابر [١] بن سبأ، وهو ابن أرفخشذ بن سام بن نوح. وطسم، وعمليق، وجاسم، وأميم بنو يلمع بن عامر [٢] بن أشليخا بن لوذ بن سام بن نوح.
وحصر موت وهو حضر موت، وشالاف وهو السلف، والموذاذ وهو الموذ بنو يقظان ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح. وثمود، وجديس بن إرم بن نوح. ويقظان هو يقطن في قول بعضهم.
٦- وقال عباس: قال أبى [٣]:
رجل ولد السلف في حمير، فقالوا: نحن بنو السلف بن حمير ابن سبأ بْن يشجب بْن يعرب بْن قحطان. قال بنو لوذ: نحن بنو لوذ بن سبأ بن يشجب [٤] ابن يعرب. ودخلوا في حمير فانضموا إليه على هذا النسب.
٧- حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ الْهَيْثَمِ، عن [٥] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ:
[أن النبي ﷺ قال: الْعَرَبُ كُلُّهَا بَنُو إِسْمَاعِيلَ إِلا أَرْبَعَ قَبَائِلَ: السلف، والأوزاع، وحضر موت، وَثَقِيفٌ] .
٨- وحدثني عباس، عن أبيه، قال:
اختلف الناس في قحطان. فقال بعضهم: قحطان هو يقطان المذكور في التوراة بعينه، إلا أن العرب أعربته فقالت قحطان. وقال آخرون: هو قحطان ابن هود ﵇ بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام ابن نوح، وهو غير يقطان.
وقال هشام: كان أبى، و(ال) شرقى بن القطامي يقولان:
قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نبت بن قيذار، وهو قيدر. وكان
_________
[١] خ: عامر، والتصحيح عن الطبرى، ص ٢١٩.
[٢] كذا، لعله الذى يسميه الطبرى عابر بن شالخ.
[٣] خ: انى.
[٤] خ: يشخب، ههنا وفي السطر السابق، والتصحيح عن الطبرى وغيره.
[٥] خ: بن.!
1 / 4
قيدر صاحب إبل إسماعيل. واسمه مشتق من ذلك. وهو ابن إسماعيل ﵇ بن إبراهيم الخليل ﷺ بن آزر- وهو تارخ- بن ناخور ابن ساروع بن أرعوا بن فالغ بن عابر بن أرفخشذ- والنصارى يقولون:
أرفخشاذ- بن سام بن نوح بن لامك. وبعض المدنيين يقولون: أزر بن ناحر بن السارع بن الراع بن القاسم- الذي قسم الأرض بين ولد نوح- ابن كعبر بن السالح بن الرافد بن السائم بن نوح. ويزعم أن ذلك عن الزهري.
والأول أثبت وأشهر. وقال الكلبي، والشرقي: إسماعيل أبو كل عربي في الأرض.
٩- وحدثني مُحَمَّد بْن سَعْد، عَنِ الواقدي:
[أن النبي ﷺ قال لقوم من أسلم: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا [١] .] وقال هشام بن الكلبي: سمعت من يذكر أن تارخ لقب لأبي إبراهيم. وقال الشرقي بن القطامي: اسمه تارح، ولقبوه أزر. وهو السند والمعين..
وقال أحمد بن يحيى بن جابر، وحدثت عن أبي روق الهمداني، عن الضحاك بن مزاحم، أنه قال:
أزر يا شيخ [٢] . وأثبت ذلك قول الشرقي. وأهل التوراة يقولون للسند والمعين: عازر. والله أعلم.
أول من تكلم بالعربية
١٠- وحدثني عباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن جده، عن أبي صالح، قال:
تكلمت العرب العاربة بالعربية حين اختلفت الألسن ببابل. قال هشام:
وأهل/ ٣/ اليمن يقولون: أول من تكلم بالعربية يعرب بن قحطان.
_________
[١] خ: «ارهبوا إسماعيل- راهبا» وعند السهيلي (١/ ٦١): «ارموا فإن أباكم إسماعيل كان راميا»، وعند ابن ماجة، كتاب الجهاد (رقم ٢٨١٥) «رميا بنى إسماعيل فإن أباكم إلخ» .
[٢] كذا، «لعله آزر (هو) تارخ» .
1 / 5
قال هشام: وأخبرني أبي، والشرقي:
أن أول من تكلم بالعربية من ولد إبراهيم: إسماعيل ﵇ حين أتى مكة، وله أقل من عشرين سنة، ونزل بجرهم. فأنطقه الله بكلامه. وكان كلامهم العربية. قال هشام: وسمت العرب إسماعيل: عرق الثرى [١] . يريدون أنه راسخ، ممتد. قال: وقال قوم: سمي بذلك لأن أباه لم تضره النار، كما لا تضر الثرى.
١١- وحدثني عَبَّاس بْن هشام، عن أَبِيهِ، عن جده، عن عدة من أهل الرواية، قالوا:
لما تفرق ولد نوح في الأرض حين قسمها فالغ بن عابر، وأخ له يقال له يوناطر [٢]، نزلت عاد الشحر، وبه أهلكوا. ونزلت عبيل بناحية يثرب، فأخرجتهم العماليق، بعد حين، من منزلهم. فنزلوا موضع الجحفة. فأتى عليهم سيل، اجتحفهم إلى البحر. فسمى الموضع الجحفة. وكان مع العماليق رجل من بني عبيل، فنجا. فقال، فيما يزعمون:
عين بكى وهل يرجع ... ما فات فيضها بالسجام
عمروا يثربا وليس بها ... شر ولا صارخ ولا ذو سنام
وقال الربيع بن خثيم [٣]: ملأت عاد ما بين الشام واليمن.
حدثني بذلك أحمد بن إبراهيم الدورقي، عَن أَبِي بكر بْن عياش، عَن عاصم بن بهدلة، عن الربيع قال:
إن عادا كانوا قد ملأوا ما بين الشام إلى اليمن، من دلني على رجل من آل عاد، فله ما شاء. ونزلت العماليق في أول الأمر صنعاء اليمن. ثم انتقلوا إلى يثرب فنزلوها. وإنما سميت يثرب برئيس لهم، يقال له يثرب. ثم انتقلوا
_________
[١] الطبرى (ص ١١١٣): أعراق الثرى.
[٢] خ: نوناطر، راجع المحبر، ص ٣٨٤.
[٣] خ: خشم، والتصحيح عن الطبرى وتهذيب التهذيب لابن حجر (٣/ ٤٦٧) .
1 / 6
إلى ناحية فلسطين من الشام. ومضت عامتهم إلى مصر، وناحية إفريقية. وتفرقوا بالمغرب. فالبرابرة منهم. والبرابرة اليوم يقولون: نحن بنو بر بن قيس. وذلك باطل وإنما غزا رجل من التبابعة، يقال له أفريقيس بن قيس بن صيفي الحميري إفريقية فافتتحها. فسميت به. وسمع كلام هؤلاء العماليق، فقال: ما أكثر بربرتهم. فسموا البرابرة. وأقام مع البرابرة بنو صنهاجة، وكتامة [١] من حمير.
فهم فيهم اليوم. ونزلت ثمود الحجر، بين الحجاز والشام، وبه أهلكوا.
ونزلت طسم بين اليمن واليمامة. ونزلت جديس بموضع اليمامة. وكانت اليمامة تعرف بجو، سمتها جديس بذلك. وكانت بين طسم وجديس حروب، أفنت جديس فيها أكثر طسم. فقال القائل:
يا طسم ما لاقيت من جديس
ثم إن بقية طسم انضمت إلى جديس باليمامة. فتوجه تبع من اليمن، وقدم عبد كلال بن مثوب بن ذي حرث بن الحارث بن مالك بن عيدان، فقتل طسما وجديسا باليمامة. وصلب امرأة من جديس، يقال لها اليمامة بنت مر، على باب جو، فسميت جوّ اليمامة باسمها. وقال حماد الرواية: منعت جديس خرجا كان عليها، فأخذت طسم بذنبهم. فقيل:
يا طسم ما لاقيت من جديس.
والله أعلم. ونزلت جاسم بالموضع الذي يدعى جاسم، بالشام. وكانوا قليلا. ونزل بنو تميم بين اليمن والحجاز. فدرجوا، حتى لم يبق منهم كبير أحد.
ونزلت جرهم بمكة وما حولها. وسموها صلاحا. ثم إنهم استخفوا بحرمة البيت وأضاعوا حقه، فوقع فيهم طاعون أهلك أكثرهم، حتى قويت خزاعة عليهم، وغلبت على البيت وأخرجتهم. فنزلوا بين مكة ويثرب، فهلكوا بداء يعرف بالعدسة إلا من سقط منهم في نواحي البلاد.
_________
[١] خ، كنامة بالنون، والتصحيح عن جمهرة الأنساب لابن الكلبى والطبرى.
1 / 7
(إبراهيم وإسماعيل ﵉
[١]:
١٢- وحدثني عَبَّاس بْن هشام، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَوَّأَ اللَّهُ لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ، وَهُوَ حَذْوَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ الَّذِي يُدْعَى الصُّرَاحَ. فَبَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَمَعَهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ. وَاسْتَعَانَا بِأَوْلادِ جُرْهُمَ بن عابر [٢] ابن سَبَأِ بْنِ يَقْطُنَ، فَعَمِلُوا مَعَهُمَا. وَكَانَتْ مَنَازِلُ جُرْهُمٍ بِمَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا. فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ ﷿ نَبِيَّهُ إِسْمَاعِيلَ ﵇، قَامَ بأمر البيت بعده قيدر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأُمُّهُ جُرْهُمِيَّةٌ. ثُمَّ نَبْتُ/ ٤/ بْنُ قيدر. ثُمَّ تَيْمَنُ بْنُ نَبْتٍ. ثُمَّ نَابِتُ بْنُ الْهَمَيْسَعِ بْنِ تَيْمَنِ بْنِ نَبْتٍ. فَلَمَّا مَاتَ نَابِتٌ، غَلَبَتْ جُرْهُمُ عَلَى الْبَيْتِ، فَكَانُوا وُلاتَهُ وَقِوَامَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَتَفَرَّقَ وَلَدُ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْعَرَبِ [٣] بِتِهَامَةَ، وَفِي الْبَوَادِي وَالنَّوَاحِي إِلا مَنْ أَقَامَ حَوْلَ مَكَّةَ مِنْ وَلَدِ نِزَارٍ، تَبَرُّكًا بِالْبَيْتِ. فَلَمَّا أَرْسَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ على ولد سبأ بمارب ماء، أَرْسَلَ مِنْ سَيْلِ الْعَرِمِ [٤]- وَهُوَ سَدٌّ كَانَ لَهُمْ بَيْنَ جَبَلَيْنِ- تَفَرَّقَتِ الأُسْدُ، وَانْخَزَعَتْ مِنْهَا خُزَاعَةُ، وَهُمْ وَلَدٌ لِحَيِّ بْنِ حَارِثَةَ، وَأَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرٍو [٥]، مَزِيقِيَا، فَنَزَلُوا بِظَهْرِ مَكَّةَ.
فَلَمْ يَزَالُوا يَكْثُرُونَ، وَتَقِلُّ جُرْهُمُ لاسْتِخْفَافِهِمْ بِالْبَيْتِ وَفُجُورِهِمْ فِيهِ، حَتَّى غَلَبَتْهُمْ خُزَاعَةُ وَأَلْفَافُهَا عَلَى مَكَّةَ، وَطَرَدُوهُمْ عَنْهَا. فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فِي قَبَائِلِ الْيَمَنِ. وَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَكَّةَ وَيَثْرِبَ، فَأَصَابَهُمُ الدَّاءُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالْعَدَسَةِ، فَهَلَكُوا.
قال هشام: ومما يروى في خروج جرهم من مكة شعر عمرو [٦] بن الحارث بن مضاض الجرهمى:
_________
[١] زدنا العنوان للوضاحة.
[٢] خ: عامر، راجع ما مضى.
[٣] خ: الغرب.
[٤] راجع القرآن، سبأ (٣٤/ ١٦)
[٥] خ: عمرو بن مزيقيا، راجع المحبر، ص ٤٣٦، وبدائع الصنائع للكاسانى (٧/ ٤٤) لتوجيه كلمة «مزيقيا» .
[٦] كذا عند ابن هشام، وعند الطبرى: «عامر بن الحارث» . راجع للأشعار ابن هشام (ص ٧٣)، والطبرى (ص ١١٣٣) والسهيلي (١/ ٨١)، وبلدان ياقوت: (الحجون، مكة)، وزاد أبياتا. وقال في الثانى: «يتربع واسطا»، «إلى السر من وادي الأراكة» .
1 / 8
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
ولم يتربع في واسط فجنوبه ... إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر
بلى نحن كنا أهلها فأزالنا ... صروف الليالي والجدود العواثر
وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بذاك البيت والخير ظاهر
وقال أيضا [١]:
يا أيها الناس سيروا إن نظركم ... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا
كنا أناسا كما كنتم فأسلمنا ... دهر فأنتم كما كنا تكونونا
حثوا المطي وأرخوا من أزمتها ... قبل الممات وقضوا ما تقضونا
وقال بعضهم [٢]:
واد حرام طيره ووحشه ... نحن ولاته فلا نغشه
وابن مضاض قائم يمشه ... يأخذ ما يهدي له يفشه
ونزلت حضر موت مكانها من ناحية اليمن.
وقال هشام بن الكلبي: تزوج مرتع بن معاوية بن ثور- وثور هو كندي، وإليه تنسب كندة- امرأة من حضر موت. واشترط أبوها عليه أن لا يتزوج سواها، وأن لا تلد إلا في دار قومها. فلم يف بشرطه. فتحاكموا إلى الأفعى بن الحصين الجرهمي- ويقال إنه الأفعى بن الحصين بن تميم بن رهم ابن مرة بن أدد بْن يشجب بْن عريب بْن زَيْد بْن كهلان بْن سبأ بْن يشجب ابن يعرب بن قحطان. وكانت العرب تتحاكم إليه، وثبتوا عنده الشرط الذي كان شرط. فقال الأفعى: «الشرط أملك» . وهو أول من قالها. فأخذ الحضرميون الامرأة وابنها من مرتع، واسمه مالك. فقال مرتع: أما مالك، ابني، فصدف عني. فسمى الصدف. فمن كان من ولد مالك الصدف بن
_________
[١] راجع ابن هشام (ص ٧٤) والطبرى (ص ١١٣٣) والسهيلي (١/ ٨٣) .
[٢] ذكر الطبرى (ص ١١٣٣) البيت الأول، وعزاه إلى عمرو بن الحارث الغبشانى.
1 / 9
مرتّع، ببلاد حضر موت، فهم ينسبون إلى كندة، ومن كان بالكوفة، فهم ينسبون إلى حضر موت. ومن الحضرميين من أهل الكوفة: وائل بن حجر من الطبقة الأولى، أوس بن ضمعج مات بولاية بشر بن مروان، أبو الزعراء عبد الله بن هاني، وائل بن مهانة، عبيس بن عقبة، كثير بن نمير، عبد الله ابن الجليل، عبد الله بن يحيى، سلمة بن كهيل، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة حين قتل زيد بن علي ﵇. وقال أبو نعيم: مات يوم عاشوراء من هذه السنة. يحيى بن سلمة بن كهيل، توفى في خلافة موسى أمير المؤمنين.
أخوه محمد بن سلمة بن كهيل. ومن أهل البصرة: يحيى بن إسحاق، عبد الله بن أبي إسحاق كان صاحب قرآن وخطب، ويكنى بالحرّ، يعقوب بن إسحاق الحضرمي المقرئ، أخوه أحمد بن إسحاق. ويقال إنهم موالي العلاء ابن الحضرمي، وهم من أهل البحرين. ومن أهل الشام: جبير بن نفير الحضرمي، يكنى أبا عبد الرحمن، أسلم في خلافة أبي بكر ومات سنة خمس وسبعين، ويقال في سنة ثمانين، كثير بن مرّة الحضرمى، أبو الزاهرية، واسمه جعفر ابن كريب، ويقال إنه حميري، مات/ ٥/ سنة تسع وعشرين ومائة، أبو لقمان الحضرمي، مات سنة ثلاثين ومائة، حاتم بن حريث، مات سنة ثمان وثلاثين ومائة.
ومن أهل مصر: عبد الله بن عقبة بن لهيعة، مات في سنة أربع وسبعين ومائة، عون بن سليمان، مات في خلافة المهدي أمير المؤمنين. وبمصر منهم جماعة.
١٥- وقال محمد بن سعد: بالمدينة قوم من الحضرميين، ولهم دار تعرف بدار الحضرميين، في بنى جديلة. ومولاهم بشر بن سعيد، مات في سنة مائة وهو ابن ثمان وسبعين سنة، وكان ينزل في دارهم بالمدينة.
١٦- أخبرني محمد بن زياد الأعرابي الرواية، عن هشام بن محمد الكلبي [١] قال: من قبائل حضر موت تنعة [٢]، ولهيعة، وهم اللهائع، وأكثرهم بمصر، وضمعج
_________
[١] خ: الحلبى.
[٢] خ: تبعة بالباء، والتصحيح عن المحبر (ص ١٨٦) .
1 / 10
وهم الضماعج، وعلقمة، وهم العلاقم، والأذمور [١]، والأربوع، والأملوك، غير الذي في حمير، وذو مران، ويقال إنهم الذين في همدان، وشعب، دخلوا في همدان فقالوا: شعب بن معدي كرب بن [٢] حاشد بن جشم، وهم رهط عامر بن شراحيل الشعبي، وشعبان، وهم في حمير، وكان يقال لشعبان عبد كلال، فلما انشعب من قومه قيل «شعبان»، ومرحب، وجعشم، وهم الجعاشمة، وأحذر (أخمد؟) وهم الأخامدة، وسلع، وذو طحن، ووليعة، غير وليعة كندة، ووائل، وأنسي. قال بعضهم:
وجدي الأنسوي أخو المعالى ... وخالي المرحبى أبو لهيعة
وردمان، وأسوع، وأحمر دخلوا في همدان، والأثروم، والأذمور [٣] رهط الصعبة بِنْت عَبْد اللَّهِ بْن عماد الحضرمي، أم «طلحة بن عبيد الله» المسمى «صاحب رَسُول اللَّهِ» ﷺ، ورهط عامر الحضرمى، حليف بنى أمية، بن عبد الله بن عامر الحضرمي صاحب معاوية، وأسروهم بناحية فلسطين، ورهط مسروق بن وائل أبي شمر الذي يقول:
وأكرم ندماني وأحفظ غيبه ... وأملأ زق الشرب غير مشائط
ويقال إنه من الأذمور [٤] . ومن الحضرميين ميمون الحضرمي [٥]، صاحب بئر ميمون بمكة وعندها دفن أمير المؤمنين أبو جعفر المنصور. ومنهم عمرو بن الحضرمي الذي قتله المسلمون في سرية عبد الله بن جحش. وسنذكر خبره إن شاء الله تعالى [٦] .
_________
[١] خ: الأدمون، راجع ما يلى.
[٢] خ: عن.
[٣] كذا ههنا، بالذال المعجمة.
[٤] خ: الأدمور بالدال المهملة.
[٥] هو ميمون بن المرتفع (جمهرة الأنساب لابن الكلبى، ٢٣/ الف) .
[٦] راجع تحت، باب السرايا الفقرة (٧٦٨) .
1 / 11
نسب ولد عدنان بن أدد
١٧- حدثني عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْن وهب المصري، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة بن حذافة، قال:
ما وجدنا في علم عالم ولا شعر شاعر من وراء عدنان بثبت.
وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْن هشام، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
[كَانَ [١] رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا بَلَغَ فِي النَّسَبِ إِلَى أُدَدَ، قَالَ:
كَذَبَ النَّسَّابُونَ، كَذَبَ النَّسَّابُونَ، قَالَ اللَّهُ ﷿: (وَقُرُونًا بَيْنَ ذلِكَ كَثِيرًا [٢] .] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَوْ شَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَعْلَمَهُ لَعَلِمَهُ.
وَحَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، عَنْ أَبِي اليقظان، عن وضاح بْن خيثمة، عن داود بن أبى هند، عن الشعى قال:
إنما حفظت العرب من أنسابها إلى أدد. قال الكلبي: فأدد من ولد نابت بن الهميسع بن تيمن بن نبت بن قيدر بن إسماعيل. وقال بعض المدنيين: أدد من ولد الهميسع بن أشجب بن نبت بن قيدر بن إسماعيل وقول الكلبى أثبت.
[٢- من عدنان إلى مضر]
[ولد أدد]
١٨- وولد أدد:
عدنان
- وأمه، فيما ذكر غير الكلبي، المتمطرة بنت علي، من جرهم أو من جديس-، ونبت [٣]، وعمرو، درج [٤] . فولد نبت بن أدد:
شقرة. وهم في مهرة بْن حيدان بْن عَمْرو بْن الحاف بن قضاعة. قال الشاعر، وهو الحارث بن نمر التنوخي [٥]:
_________
[١] خ: «كان كان» (مكررا) .
[٢] القرآن، الفرقان (٢٥/ ٣٨) .
[٣] كذا بدل نبتا، عمرا، أبيا وغير ذلك، لما ذكره المؤلف في تعليقه في الصفحة الأولى من الكتاب.
[٤] خ: زوج.
[٥] ذكر ابن الكلبى في جمهرته (٣/ الف) البيت الثانى والثالث، وعزاهما إلى رجل من مهرة. فروى «عمسا جلد النمر» و«غب الوبال» . (نحت أثلته: عابه. طأطأ في القتل:
بالغ- وكان في المخطوطة: «في قيلهم» - هاض العظم: كسره. النقر: الغضبان) . والبيت الأول في مروج المسعودى (طبع بولاق ٢/ ٢٠) .
1 / 12
أي يومي من الموت أفر ... يوم لم يقدر أم يوم قدر
إن أخوالي من شقرة قد ... لبسوا لي عيسا جلد نمر
نحتوا أثلتنا ظلما ولم ... يرهبوا لفت الوبال المستمر
فلئن طأطأت في قتلهم ... لتهاضن عظامي من عفر
ولئن غادرتهم في ورطة ... لأكونن نقرة الشيخ النقر
ويشجب [١] بن نبت، وهم في وحاطة [٢] من ذي الكلاع، من حمير/ ٦/ ويقال، والله أعلم، إن نبت بن أدد هذا هو الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بْن زَيْد بْن كهلان بْن سبأ بْن يشجب بن يعرب بن قحطان.
وبعض الرواة يقول: هو عدنان بن أدد. والثبت أنه عدنان بن أدد.
١٩- وولد عدنان:
معد- وبه كان يكنى والديث، وأبي، والعي. وهو الثبت. وبعضهم يقول: العي، وعدين درج. هؤلاء الثلاثة، وأمهم مهدد بنت اللهم بن جلحب، من [٣] جديس. وقال بعضهم: هي من طسم. والأول أثبت.
٢٠- فولد الديث بن عدنان:
عك. ويقال: إنه عك [٤] بن عدنان نفسه.
وبعضهم يقول: عك بن عدنان بن عبد الله بن الأزد بن الغوث. وبعض الناس يقول: عك بن عدثان بن عبد الله بن الأزد. وذلك تصحيف، ليس في الأزد عدثان (مضموم العين تعجم بثلاث) إلا عدثان بن عبد الله بن زهران ابن كَعْبِ بْن الْحَارِث بْن كَعْبِ بْن عَبْدِ اللَّهِ بْن مَالِك بْن نَصْرِ بْن الأَزْدِ، وهو أبو دوس. وقال الكميت بن زيد الأزدى:
_________
[١] جمهرة ابن الكلبى (٢/ الف): «شقحب وهم في وحاطة من ذي الكلاع» ص: وحاضة.
[٢] جمهرة ابن الكلبى (٢/ الف): «شقحب وهم في وحاطة من ذي الكلاع» ص: وحاضة.
[٣] خ: بن، والتصحيح عن جمهرة ابن الكلبى (٢/ الف) .
[٤] خ: عد.!
1 / 13
كعكّ في مناسبها منار (...؟ ءالى) عدنان واضحة السبيل
وقال عباس [١] بن مرداس السلمي:
وعك بن عدنان الذين تلقبوا ... بغسان حتى طردوا كل مطرد
٢١- فولد عك بن الديث- واسم عك «الحارث» -: الشاهد، وصحار واسمه غالب، وسبيع درج، وقرن وهم في الأزد يقولون: قرن بن عكّ بن عدنان ابن عبد الله بن الأزد.
٢٢- فولد الشاهد بن عك: غافق، وساعدة.
٢٣- فولد غافق: لعسان، ومالك، وقياتة بالتاء.
٢٤- وولد صحار بن عك: السمناة، وعنس [٢]، وبولان. وهما عدد عك.
فمن بني بولان: مقاتل بن حكيم بن عبد الرحمن الخراساني، من رجال دولة بني العباس.
٢٥- فولد لعسان بن غافق: الحوثة، وأسلم، وأكرم. فولد أكرم: وائل، وريان [٣] بالراء، وخضران.
٢٦- وولد مالك بن غافق: رهنة، وصحار.
٢٧- وولد القياتة بن غافق: أحدب، وأوفى [٤]، وأسليم، وخدران، وأسلم.
٢٨- وولد رهنة بن مالك: كعب، وطريف، ومالك.
٢٩- وولد صحار بن مالك بن غافق بن الشاهد: عبد، وربيعة، ومعاوية.
_________
[١] خ: عياش. وراجع للبيت مصعب بن عبد الله (ص ٥) وابن هشام (ص ٦) حيث «تلعبوا» بدل «تلقبوا» وهو الأرجح.
[٢] خ: عبس، بالباء، والتصحيح عن جمهرة ابن الكلبى (٣/ الف) حيث كتب كلمة «نون» تحت هذا الاسم، تأكيدا.
[٣] كذا بالياء ولعله الأرجح، والمعروف «ربان» بالباء.
[٤] رسمه «أوفا» .
1 / 14
٣٠- وكان من ولد غافق: سملقة بن مرى بن الفجاع صاحب أمر عك يوم قاتلوا غسان. وهو أول من جز ناصية أسير، وأطلقه. وكان رئيس غسان يومئذ ربيعة [١] بن عمرو.
٣١- ويقال إن أول من كسا الكعبة عدنان. كساها أنطاع الأدم.
٣٢- وولد معد بن عدنان:
نزار بن معد- وبه كان يكنى، ويقال إنه يكنى أبا حيدة، وبعضهم يقول إنه كان يكنى أبا قضاعة- وقنص بن معد، وقناصة، وسنام [٢]، والعرف، وعوف، وشك، وحيدان، وحيدة، وعبيد- الرماح- في بني كنانة بن خزيمة- وجنيد في عك، وجنادة، والقحم. وأمهم معانة بنت جشم [٣] بن جلهة بن عمرو، من [٤] جرهم. وبعضهم يقول جلهمة.
والأول أثبت. وقال بعضهم: اسمها عنة بنت جوشن، من [٥] جرهم. وقال ابن مزروع: اسمها ناعمة. والأول قول ابن الكلبي. وقال هشام بن محمد: يقال إن معانة كانت عند مالك بن عمرو بن مرة بن مالك بن حمير، ثم خلف عليها بعده معد بن عدنان فجاءت معها بقضاعة ابن مالك بن عمرو. فكان يقال له قضاعة بن معد. فولدت. قال: ويقال إن معانة كانت بديا عند معد، فولدت له قضاعة، ثم خلف عليها مالك بن عمرو، وتبنى قضاعة فنسب إليه. وأن قضاعة كان يسمى عمرا. فلما تقضع عن قومه، أي بعد، سمي قضاعة. والله أعلم.
٣٣- وقال هشام: كان عمرو بن مرة الجهني أول من ألحق قضاعة باليمن.
فقال بعض البلويين:
_________
[١] كذا: وعند ابن الكلبى: زوبعة.
[٢] كذا، بدل «سناما، عوفا، شكا» وغير ذلك، لما مضى فوق من توجيه المؤلف.
[٣] ابن كلبى (٣/ ب): جوشم.
[٤] خ: بن، والتصحيح عن الكلبى (٣/ ب) حيث: «عمرو بن هلينية بن دو، من جرهم» .
[٥] خ: بن.
1 / 15
أيا إخوتي لا ترغبوا عن أبيكم ... ولا تهلكوا في لجة لجها عمرو
٣٤- وقال بعض الرواة: أم قضاعة عكبرة. وقال الكلبي: لا أدري ما هذا.
٣٥- وحدثني أَبُو عدنان الأعور، عَنْ أبي زيد الأنصاري النحوي، عن أبي عمرو بن العلاء، قال:
لم تزل قضاعة/ ٧/ معدّية في الجاهلية، وتحولوا فقالوا: قضاعة بن مالك ابن عمرو. وذلك لأن بني مالك بن عمرو إخوتهم لأمهم.
وحدثني أبو الحسن المدائني، عن أبي اليقظان أن عمر بن عبد العزيز- وكانت أم أبيه كلبية- قال لبعض أخوال أبيه:
إن علىّ منكم لغضاضة غضّتكم حرب قوم، فابتغيتم عن أبيكم وانتميتم [١] إلى غيره، وكنتم إخوة قوم لأمهم فصيرتم أنفسكم إخوتهم لأبيهم وأمهم.
وحدثني محمد بن الأعرابى الرواية، عن المفضل الضبي، عن القاسم بن معن وغيره:
أن أول من ألحق قضاعة بحمير، عمر (و) بن مرة الجهني، وكانت له صحبة.
وروي عن هشام بن عروة، عن عائشة، قالت:
[قالت: قلت يا رسول الله، قضاعة ابن من؟ قال: ابن معد] .
وحدثني محمد بن حبيب مولى بني هاشم، قال أنشدني أبو عمرو الشيبانى لشاعر قديم:
قضاعة كان ينسب من معد ... فلج بها السفاهة والضرار
فإن تعدل قضاعة عن معد ... تكن تبعا وللتبع الصغار
وزنيتم عجوزكم وكانت ... حصانا لا يشم لها خمار
وكانت لو تناولها يمان ... للاقى مثل ما لاقى يسار
وأكره أن تكون شعار قومي ... لذي يمن إذا ذعرت نذار
_________
[١] خ: «من أبيكم وانتهيتم» .
1 / 16
قال: وكان «يسار» هذا عبدا لإياد، فتعرض لابنة مولاه فزجرته.
فأتى صاحبا له فاستشاره في أمرها. فقال له: ويلك يا يسار كل من لحم الحوار، واشرب من لبن العشار، وإياك وبنات الأحرار. فقال: كلا، إنها تبسمت في وجهى. فعادوها، فقالت له: ائتني الليلة. فلما أتاها، قالت: ادن مني أشمك طيبا. فلما دنا، جدعت أنفه بسكين كانت قد أعدته، وأحدته، وكانت قد دفعت إلى وليدتين لها سكينتين، وقالت لهما: إذا أهويت لأجدع أنفه، فلتصلم كل واحدة منكما أذنه التي تليها. ففعلتا ذلك. فلما أتى صاحبه الذي استشاره، قال له: والله ما أدري أمقبل أنت أم مدبر. فقال يسار- ويقال هو يسار الكواعب-: هبك لا ترى الأنف والأذنين، أما ترى وبيص العينين؟ فذهبت مثلا.
٣٦- وقال جميل بن عبد الله بن معمر العذري [١]:
أنا جميل في السنام من معد ... الدافعين الناس بالركن الأشد
وكان جميل مع الوليد بن عبد الملك في سفر. فقال له: انزل فارتجز.
فلما ارتجز بهذا الشعر، قال له: اركب، لا حملك الله. وذلك أنه ظن أن جميلا يمدحه كما مدحه راجز قبله، فقال [٢]:
يا بكر هل تعلم من علاكا؟ ... خليفة الله على ذراكا
ويقال إنّ جميلا لم يمدح أحدا قط. وقال جميل [٣] لبثينة بنت حبأ العذرية:
ربت في الروابي من معد وفضلت ... على المحصنات الغر وهي وليد
وقال زيادة بن زيد العذرى [٤]:
_________
[١] ديوان جميل، ص ١٦٧، حيث: «في الذروة العلياء والركن الأشد»، راجع أيضا السهيلي (١/ ١٧) ومصعبا (ص ٦) .
[٢] مصعب (ص ٦) وعزاه إلى ابن العذرى.
[٣] ليس في ديوانه المطبوع ولكن راجع السهيلي (١/ ١٧) .
[٤] مصعب (ص ٦) .
1 / 17
وإذا معد أوقدت نيرانها ... للمجد أغضت عامر وتقنعوا
«عامر» رهط هدبة بن خشرم. وقال أفلح بن يعبوب، من ولد أمر مناة ابن مشجعة بن تيم [١] بْن النمر بْنِ وَبْرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ [٢] بْنِ عِمْرَان ابن الحاف بْن قضاعة، في أيام معاوية بن أبى سفيان [٣]:
يا أيها الداعي ادعنا وبشر ... وكن قضاعيا ولا تنزر
قضاعة بن مالك بن حمير ... النسب المعروف غير المنكر
وقال عامر بن عبيلة بن قسميل بن فران بن بلي:
وما أنا إن نسبت بخندفي ... وما أنا من بطون بني معد
ولكنا لحمير حيث كنا ... ذوي الآكال والركن الأشد
٣٧- قالوا: وكان الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة أجرى وعامر ابن عبيلة فرسين لهما/ ٨/ فسبق فرس عامر. فمنعه الحارث سبقته، وقضاعة يومئذ بتهامة. فقال: يا آل معد. فلم يجبه أحد. فقال: والله لو كنت من معد لأجابني بعضهم. فهم قومه بالخروج. فكره بنو معد أن يخرجوا عنهم، ويصيروا إلى غيرهم، فأعطى عامر سبقته. ثم إن خزيمة [٤] بن نهد بن زيد، وكان يعشق فاطمة بنت يذكر بن عنزة بْن أسد بْن ربيعة بْن نزار، وهو القائل فيها [٥]:
إذا الجوزاء أردفت الثريا ... ظننت بآل فاطمة الظنونا
ظننت بها وظن المرء مما ... يجلي للفتى الأمر المبينا
خرج هو ويذكر بن عنزة يطلبان القرظ، فوقعا على هوة فيها نحل.
_________
[١] خ: التيم.
[٢] خ: جلوار.
[٣] مصعب (ص ٥)، وعنده في البيت الأول «وأبشر» بدل «وبشر» .
[٤] خ: جذيمة: والتصحيح عن لسان العرب كما يلى.
[٥] الأنواء لابن قتيبة (فقرة ١١٠)، لسان العرب (قرظ، ردف) .
1 / 18
فقالا: هذه خير مما نطلب. فقال خزيمة، وكان بادنا: إن نزلت الهوة، لم تقدر على رفعي، وأنت نحيف وأنا قوي على رفعك من الهوة. فنزل يذكر، فجعل يجني العسل ويناوله خزيمة [١] . فلما فرغ، قال له: يا يذكر، زوجني فاطمة.
فقال: ليس هذا بوقت تزويج. فتركه في البئر، وأتى قومه. فسألوه عنه.
فقال: لا علم لي به. ووقع الشر بين بني معد وبني قضاعة. فكان أول من خرج عن معد من تهامة، جهينة وسعد هذيم ابنا زيد بن سود بن أسلم. فنزلا الصحراء. فسمتها العرب صحار. وخرجت بنو نهد عن معد، فنزل بعضها باليمن وبعضها (ب) الشام. فالذين صاروا باليمن: مالك، وخزيمة، وصباح، وزيد، وأبو سود، ومعاوية، وكعب بنو نهد. قال زهير بن جناب الكلبي يذكر تفرق نهد:
ولم أر حيا من معد تفرقوا ... تفرق معزى الفزر [٢] غير بني نهد
وقال أيضا:
لقد علم القبائل أن ذكري ... بعيد في قضاعة من نزار
وما إبلي بمقتدر عليها ... وما حلمي الأصيل بمستعار
والذين جاءوا إلى الشام: عامر، وهم في كلب بن وبرة، وعمرو، ودخلوا في كلب أيضا، والطول، وبرة، وحزيمة، وحنظلة، وهو الذي يقال له «حنظلة بن نهد خير كهل في معد»، وأبان بن نهد، دخل في بني تغلب ابن وائل. وقال بعض شعرائهم:
قضاعة أجلتنا من الغور كله ... إلى جنبات الشام نزجي [٣] المواشيا
فإن يك قد أمسى شطيرا ديارها ... فقد يصل الأرحام من كان ثابيا
_________
[١] خ: جذيمة.
[٢] الفزر هو القطيع الصغير.
[٣] خ: يزجى.
1 / 19
٣٨- وسمي يذكر بن عنزة بن أسد بن ربيعة [١]: «القارظ العنزي»، وضرب به المثل. قال بشر بن أبى خازم الأسدى:
فترّجى الخير وانتظري إيابي ... إذا ما القارظ العنزي آبا
وقد كان من عنزة قارظ آخر، يقال له عامر بن هميم فقد أيضا. فقال أبو ذؤيب الهذلي [٢]:
وحتى يؤوب القارظان كلاهما ... وينشر في الموتى كليب بن وائل
ويروى «كليب لوائل» . هو كليب بن ربيعة بن الحارث بن زهير، من بني تغلب بن وائل. فنسبه إلى وائل. والعرب تقول «كليب وائل» أيضا.
٣٩- وقال هشام بن الكلبي: ويقال إن حيدان بن معد دخلوا في قضاعة، فقالوا: حيدان بْن عَمْرو بْن الحاف بْن قضاعة وحيدان هو أبو مهرة بن حيدان.
٤٠- فولد سنام بن معد:
جشم بن سنام، وجاه [٣] . وهما في حكم بن سعد العشيرة بن مالك.
٤١- وولد حيدة بن معد:
مجيد، وأفلح، وقزح دخلوا في الأشعرين. ويقال إن ولد قزح وحده دخلوا في الأشعرين، وإن الآخرين درجا. والله أعلم.
وقال هشام بن الكلبي: ذكر بعض النساب أن حيدة بن معد ولد أيضا معاوية. فولد معاوية: عفير بن معاوية. فولد عفير: ثور بن عفير. فولد ثور: كندي وهو أبو كندة. وأنشد لامرئ القيس بن حجر الكندي [٤]:
/ ٩/ تالله لا يذهب شيخي باطلا ... خير معدّ حسبا ونائلا
_________
[١] خ: ربيعة بن.
[٢] ديوان أبى ذؤيب، ق ١٢ ب ٢٣ (وروايته: في القتلى) .
[٣] في مخطوطة جمهرة ابن كلبى: حا.
[٤] ديوانه ق ٣٩ مصراع ١، ٤ (حيث المصراع الثانى والثالث):
حتى أبير ملكا وكاهلا ... القاتلين الملك الحلاحلا
1 / 20
وغيره ينشده:
«يا خير شيخ حسبا منائلا» .
٤٢- وولد القحم بن معد:
أفيان. فولد أفيان: غنث بن أفيان، وهم في بني مالك بن كنانة ابن خزيمة.
٤٣- قال هشام: ودخل بنو عبيد الرماح في كنانة، وهم رهط إبراهيم بن عربي ابن منكث. وكانت أم إبراهيم فاطمة بنت شريك بن سحماء البلوي، من قضاعة. وسحماء أمه، وأبوه عبدة بن مغيث. وبسبب شريك هذا نزل اللعان [١] .
حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:
أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ الْبَلَوِيَّ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعَجْلانِ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عُوَيْمِرٌ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا، كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَسَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ. فَأَتَى عُوَيْمِرٌ النَّبِيَّ ﷺ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَمْرِكَ وَأَمْرِ صَاحِبَتِكَ قرآنا، فأت بِهَا.
فَلاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُمَا. وَكَانَ الَّذِي قُذِفَ بِهَا شَرِيكُ بن سمحاء.
وَحَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنبأ هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عن أنس ابن مَالِكٍ قَالَ:
لاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ هِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَامْرَأَتِهِ، وكان قد قذفها بشريك بن سمحاء. [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَصْهَبَ أَثْبَجَ أَرْشَحَ حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِهِلالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ فَهُوَ لِلَّذِي رُمِيَتْ بِهِ.] فَجَاءَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَكْرُوهَةِ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَقَضَى أَنْ لا يُدْعَى وَلَدُ الْمُلاعَنَةِ لأَبٍ، وَلا تُرْمَى وَلا وَلَدُهَا، وَأَنَّ عَلَى من رماها الحد.
_________
[١] راجع القرآن، النور (٢٤/ ٦- ٩) .
1 / 21