وظاهر اللفظ يعطى أنهم يتمنون أن نجعل الأرض مثلهم ناسًا كما تقول سويت زيدا بعمرو، ومعناه جعلت زيدا وهو المسوى مثل عمرو وهو المسوى به؟
قلنا: سويت هذا بهذا له معنيان أحدهما: إجراء حكم الثانى على الأول كقولك: سويت زيدًا بعمرو كما تقول ساويت
والثانى: أن يكون المسوى (مفعولا والمسوى به) آلة كقولك سويت القلم بالسكين، والثوب بالمقراض بمعنى أصلحته به، فقوله: " لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ" يحتمل الوجهين أن يكون بمعنى ساويت، ويكون من
المقلوب أي لو يسوون بالأرض، يجعلهم ترابًا كقوله تعالى: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) . وقوله: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) في قول من لم يجعل الباء زائدة، وقولهم: أدخلت الخاتم في أصبعى ونحوه، وإن
يكون بمعنى الآلة ودوا لو تمهد بهم الأرض وتوطد بأن يجعلوا ترابًا، ويبثوا في وهادها وحضيضها لتساوى بقاعها وأكامها وقوله تعالى: (لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا) . أي لا انخفاضًا ولا ارتفاعًا، وإن كان يدل على أن الأرض يوم القيامة متساوية السطح
فجعلها متساوية السطوح إن كان قبل البعث، فإذا بعث الموتي من قبورهم خلت منهم قبورهم وحفرهم، فحصل في الأرض تفاوت.
وإن كان بعد البعث فيجوز أن يكون هذا التمنى سابقًا على جعلها متساوية السطوح.