ويكون التقدير: وإذ قلنا للملآئكة وإبليس اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس، كما تقول: أمرت إخوتى وعبدى بكذا فأطاعونى إلا عبدى، والعبد ليس من الأخوة ولا داخلا فيهم إلا من حيث شملهم الأمر بالفعل معهم، فهذا كذلك، القول الثانى: أنه كان من الملآئكة قبل أن
يعصى الله فلما عصاه مسخه شيطانًا، روى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنه فيكون معنى قوله تعالى: "كان من الجن صار من الجن) لمخالفته فتكون كان بمعنى صار، وقيل: معناه كان من الجن في سابق علم الله تعالى، وهذان القولان يدلان على أنه كان من الملآئكة قبل المعصية، وروى عنه أيضًا أنه كان من خزان الجنة، وهم جماعة من الملآئكة يسمون الجن، فعلى هذا يكون قوله تعالى (من الجن) أي من الملائكة الذين هم خزان الجنة (ففسق عن أمر ربه) بمخالفته فيكون استثناء من الجنس، وقال الزمخشري في سورة البقرة في قوله تعالى: (فسجدوا إلا إبليس) هو استثناء متصل لأنه كان جنيًا واحدًا بين أظهر الألوف من الملآئكة مغمورًا بهم، فغلبوا عليه في قوله تعالى: (فسجدوا) قلت: وفى هذا التعليل نظر، ثم قال بعده: ويجوز أن يجعل منقطعًا.
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي) والأولياء: الأصدقاء والأحباب وهم ضد الأعداء، ويؤيده