وقد أشار الحافظ صلاح الدين ابن أيبك الصفدي (ت764ه) إلى مزية من مزايا كتب الذهبي وتتجلى بوضوح في السير، حيث قال: "وأعجبني ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثا يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد أو طعن في رواته، وهذا لم أر غيره يراعي هذه الفائدة فيما يورده"(1).
...وثمة فائدة أخرى امتاز بها هذا الكتاب، وهي التزام المصنف للعدل والإنصاف في نقد الرجال وتقييمهم، والموازنة بين محاسن الرجل ومساوئه، وحسن الظن بالناس، والترضي والاستغفار لمن ظهرت الإساءة منه. وسيرى القارئ من النماذج والأمثلة لذلك ما يشفي صدره ويروي غليله في هذه الرسالة إن شاء الله.
...كان هذا الكتاب - سير أعلام النبلاء - هو أنيسي أيام الطلب في الجامعة الإسلامية بالمدينة، وكنت كلما مرت علي فائدة قيدتها، حتى اجتمع عندي من ذلك كراستان، وكان عدد من الزملاء الذين اطلعوا على هذا التقييد يشيرون بتأليف ذلك وتنسيقه، وإخراجه لكي تعم فائدته. ولكني اعتذرت لهم وقتئذ بأني إنما قيدته لنفسي، وأكثر ذلك إنما كان إشارة إلى مواضع هذه الفوائد لتسهيل الرجوع إليها. ولكنني الآن وبعد مضي أكثر من عقد من الزمان على ذلك بدا لي موافقة هؤلاء الإخوان، وذلك لتشهيذ الهمم إلى قراءة أصل الكتاب الذي يعتبر في رأيي من أهم الأصول التي ينبغي اطلاع طلبة العلم عليها.
...فهذه خلاصة ما تم تقييده من فوائد السير، وقد حرصت على نقل تعليقات الذهبي كما هي، ورتبتها حسب المواضيع، وجعلت لها عناوين تيسر الوصول إلى ما فيها من الفقه، وحذفت منها عددا من الأخبار والآثار لكي يتناسب حجمه مع التلخيص المطلوب.
صفحه ۴