...قال ابن الأثير: لو قيل إن العالم منذ خلق إلى الآن لم يبتلوا بمثل كائنة التتار لكان صادقا، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها. قوم خرجوا من أطراف الصين، فقصدوا بلاد تركستان، ثم إلى بخارى وسمرقند فتملكوها، ثم تعبر طائفة منهم إلى خراسان فيفرغون منها تخريبا وقتلا إلى الري وهمذان، ثم يقصدون أذربيجان ونواحيها ويستبيحونها في أقل من سنة، أمر لم نسمع بمثله، ثم ساروا إلى دربند شروين، فملكوا مدنه، وعبروا إلى بلاد اللان واللكز قتلا وأسرا، ثم قصدوا بلاد قفجاق فقتلوا من وقف، وهرب من بقي إلى الغياض والجبال، واستولت التتار على بلادهم، ومضت فرقة أخرى إلى غزنة وسجستان وكرمان، ففعلوا كذلك، وأشد. هذا ما لم يطرق الأسماع مثله، فإن الإسكندر ما ملك الدنيا بهذه السرعة، بل في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحدا.
...قال: وخيلهم لا تعرف الشعير، إنما تحفر بحوافرها وتأكل عروق النبات، وهم يسجدون للشمس، ولا يحرمون شيئا، ويأكلون الحيوانات (22/236-237).
...ففي سنة 617ه أخذوا بخارى بالسيف وأبادوا أهلها فتركوها كأمس الذاهب، ثم أحاطوا بسمرقند، فبرز من أهلها نحو سبعين ألفا، فحصدهم التتار، ثم عبروا جيحون خوضا وسباحة، وأخذوا الري ومازندران، ثم أخذوا قزوين بالسيف، وبلغت القتلى أربعين ألفا، ثم أخذوا أذربيجان ومراغة، وأحرقوا همذان، وساروا إلى تبريز فبذل أهلها أموالا، فساروا إلى بيلقان فأخذوها عنوة، وذلك في رمضان سنة 618ه، وحصدوا أهلها، حتى كانوا يزنون بالمرأة ثم يقتلونها، وساروا إلى كنجة فصانعوهم بالأموال، ثم التقوا الكرج فقتلوا من أهلها ثلاثين ألفا، ثم بيتوا القفجاق، وأبادوا فيهم، وأتوا سوداق فملكوها، وأقاموا هناك إلى سنة 620ه.
...وأخذوا خوارزم بعد حصار دام ثلاثة أشهر، وقتلوا بها أمما، لكن بعد أن قتل منهم خلائق أيضا، وأخذوا مرو، وبلخ، ونيسابور ، وطوس، وسرخس، وهراة، فلا يحصى من راح تحت السيف.
صفحه ۲۴