فقلت في إصرار: لو رفضت منيرة لكنت أوافقها.
فقالت في دفعة: ولكن منيرة تستطيع أن تجد كثيرين مثل عبد الحميد يا سيد.
فقلت في تحد: ومنى؟
فقالت: كم في المدينة مثل محمود خلف؟ بل كم في البلاد كلها؟
فقلت في شيء من الأنفة: اسمحي لي أن أخالف، المقاييس تختلف.
فقالت ووجهها يزداد حمرة: لا وجه للمقاربة يا ابني.
وتدخلت منى في الحديث قائلة: لماذا تتعبين نفسك يا ماما؟ ألم نتفق على ترك هذا الموضوع نهائيا؟
فقالت السيدة: ما معنى نهائيا؟ يعني أن نصفي حسابنا ونضيع ثروتنا؟
وبدأت بينهما مناقشة طويلة لم أتدخل فيها؛ لأنها تتصل بأرقام لا أعرفها، وكانت السيدة تنطق بها في حنق حتى خشيت على صحتها، وكنت في أثناء هذه المناقشة صامتا أفكر حانقا فيما قالته السيدة، ولكني لم أستطع أن أظهر ما ثار في نفسي، كانت كلماتها تصطدم بقلبي كأنها قذائف من الرصاص كلما سمعتها تساوم في منى، وخرجت مستأذنا أكاد أترنح وقلت وأنا أتكلف الهدوء: أرجو لك العافية يا سيدتي.
فقالت منى ضاحكة: النتيجة أننا نسينا ما كنا نريده من سيد، كنا ننتظر حضوره كل أسبوع لنسأله عن رأيه، ثم نضيع الوقت في أحاديث أخرى، ما رأيك فيما يعرضه الباشا علينا، يريد أن يأخذ الأطيان ليستوفي بها دينه. هذا كل شيء.
صفحه نامشخص