سنين وقد توالدت، وأن حذيفة بن بدر أراد أن يردها بأعيانها فقال له سنان بن أبي حارثة: أتريد أن تلحق بنا خزاية فتعطيهم أكثر مما أعطونا فتسبّنا العرب بذلك؟
فأمسكها حذيفة، وأبى بنو عبس أن يقبلوا إلا إبلهم بأعيانهم، فمكث القوم ما شاء الله أن يمكثوا.
ثم إن مالك بن بدر خرج يطلب إبلا له فمر على جنيدب أخي بني رواحة فرماه بسهم فقتله يوم المعنقة فقالت ابنة مالك بن بدر «١»:
لله عينا من رأى مثل مالك ... عقيرة قوم أن جرى فرسان
فليتهما لم يشربا قطّ شربة «٢» ... وليتهما لم يرسلا لرهان
أحلّ به جنيدب أمس نذره ... فأيّ قتيل كان في غطفان
إذا سجعت بالرقمتين حمامة ... أو الرسّ فأبكي فارس الكتفان «٣»
ثم إن الأسلع بن عبد الله بن ناشب بن زيد بن هدم بن لدم «٤» بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض مشى في الصلح ورهن بني ذبيان ثلاثة من بنيه وأربعة من بني أخيه حتى يصطلحوا، وجعلهم على يدي سبيع بن عمرو من بني ثعلبة بن ذبيان، فمات سبيع وهم على يديه «٥» فأخذهم حذيفة من بنيه فقتلهم «٦» .
ثم إن بني فزارة تجمعوا هم وبنو ثعلبة وبنو مرة فالتقوا هم وبنو عبس بالخاثرة «٧» فهزمتهم بنو عبس وقتلوا منهم مالك بن سبيع بن عمرو الثعلبي- قتله الحكم بن مروان بن زنباع العبسي- وعبد العزى بن حذار الثعلبي والحارث بن بدر الفزاري، وقتلوا هرم بن ضمضم المري- قتله ورد بن حابس العبسي- ولم يشهد ذلك اليوم حذيفة بن بدر، فقالت نائحة «٨» هرم بن ضمضم- هو من بكر بن ضمضم-:
يا لهف نفسي لهفة المفجوع ... ألّا أرى هرما على مودوع «٩»
من أجل سيدنا ومصرع جنبه ... علق الفؤاد بحنظل مصدوع
أي من أجله محترق فؤادها وكأنما أكل حنظلا.
ثم إن حذيفة جمع وتهيأ واجتمع معه بنو ذبيان بن بغيض، فبلغ بني عبس أنهم قد ساروا إليهم، فقال قيس بن زهير:
أطيعوني فو الله لئن لم تفعلوا لا تكئن على سيفي حتى يخرج من ظهري، فقالوا:
1 / 60