امرىء القيس، وطرفة، والمتلمّس، والسّليك بن سلكة، والنّمر بن تولب، والحطيئة.
وإذا قرأت الكتاب أحسست، لأول وهلة، أنه كتاب أخبار وأشعار وأنساب قبل أن يكون كتاب أمثال، ووجدت فيه قرابة المائة حادثة، سردت سردا قصصيا، يجيء خلاله، أو عقبه، المثل أو الأمثال، والبيت من الشعر أو الأبيات.
وقد اعتاد المفضل أن يقول عقب كل مثل عبارة من تلك العبارات المأثورة، وهي «فأرسلها مثلا» أو «فذهبت مثلا» أو «فصارت مثلا»، وهذا يشعر بأن الحادثة هي الأصل عنده، وفي أثناء سردها يجيء ما يتصل بها من أمثال وأشعار.
وهذا المسلك يذكرنا بما جاء في كتب الأخبار والتاريخ والأنساب من وقائع وأحداث، لم ينس مؤلفوها أن يذكروا معها ما يتصل بها من أمثال سائرة وأشعار.
ونضرب لذلك مثالا قوله في «حروب داحس والغبراء»: «وكان من أمر داحس وما قيل فيه من الأشعار والأمثال أن أمه كانت فرسا لقرواش بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، يقال لها: جلوى، وأن أباه ذا العقال كان لحوط بن أبي جابر بن أوس بن حميري بن رياح بن يربوع بن حنظلة بن مالك، وإنما سمي داحسا أن بني يربوع احتملوا ذات يوم سائرين في نجعة ...» «١» ثم يذكر سبب التسمية، وينتقل إلى ذلك السبب في هذه الحروب، ووصف وقائعها التي استمرت أربعين عاما، ذاكرا خلال ذلك ما قيل فيها من أشعار وأمثال، إلى أن يقول: «تمّ حديث داحس، والحمد لله رب العالمين» «٢» .
وهذا المنزع في تناول الأمثال العربية يتفق وطبيعة المفضل ومواهبه، إذ كان بارعا في الرواية، ماهرا في معرفة أشعار العرب وأخبارهم القديمة، ولم يكن رجل غريب ولا نحو ولغة «٣»، ومن ثم لم نجده يفسر كلمة غريبة واحدة من كلمات أمثاله التي تبلغ المائة والسبعين.
وكل هذا يجعلنا لا نتردد في أن نضع هذا الكتاب إلى جانب كتب: صحار وعبيد
1 / 23