أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ
أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ
پژوهشگر
أحمد عبد الفتاح تمام
ناشر
مؤسسة الكتب الثقافية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۰۹ ه.ق
محل انتشار
بيروت
ژانرها
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّاقِدُ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا فَقَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ كَالرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ» . فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَنَظَرْتُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَإِذَا أَنَا أَحْدَثُهُمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هِيَ النَّخْلَةُ» قَوْلُهُ: «لَا يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا» يَعْنِي: لَا يَتَسَاقَطُ كَمَا يَتَسَاقَطُ وَرَقُ الشَّجَرِ، وَوَرَقُهَا: خُوصُهَا، وَأَصْلُ الْحَتِّ: الْفَرْكُ قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
تَحُتُّ بِقَرْنَيْهَا بَرِيرُ أَرَاكَةٍ ... وَتَعْطُو بَظَلْفَيْهَا إِذَا الْغُضْنُ طَالَهَا
وَسَمَّى الْخُوصَ وَرَقًا كَمَا سُمَّى النَّخْلَةَ شَجَرَةً. وَفِي هَذَا كَلَامٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَالنَّخْلَةُ سَيِّدَةُ الشَّجَرِ، ضَرَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَثَلًا لِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ. وَمَثَّلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالرَّجُلِ الْمُؤْمِنِ الْقَوِيِّ فِي إِيمَانِهِ، الْمُنْتَفِعِ بِهِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ. وَالْعَرَبُ تُعَظِّمُهَا وَيَكْثُرُ فِي أَشْعَارِهِمْ ذِكْرُهَا. وَزَعَمَ قَوْمٌ مِمَّنْ يَتَعَمَّقُ فِي الِاشْتِقَاقِ أَنَّ اسْمَهَا مُشْتَقٌّ مِنَ الِانْتِخَالِ، وَهُوَ التَّصْفِيَةُ وَالِاخْتِبَارُ. قَالُوا: فَهِيَ صَفْوَةُ، وَمُخْتَارُ الْمَعَاشِ ⦗٧١⦘. وَهَذَا قَوْلٌ نَادِرٌ شَاذُّ. تَقُولُ: نَخَلْتُ الشَّيْءَ إِذَا صَفَّيْتَهُ، وَنَخَلْتُ الْكَلَامَ وَالشِّعْرَ إِذَا هَذَّبْتَهُ وَلَخَّصْتَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]
تَنَخَّلْتُهَا مَدْحًا لِقَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ ... لِغَيْرِهِمْ فِيمَا مَضَى أَتَنَخَّلُ
وَبِهِ سُمِّيَ الْمُتَنَخِّلُ الشَّاعِرُ، وَيَقُولُ: أَشَدُّ مِنْ نَخْلَةٍ، وَأَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ نَخْلَةٍ، وَتُوصَفُ الْمَرْأَةُ الْجَزْلَةُ بِهَا، وَتُوصَفُ الْفَرَسُ بِجِذْعِهَا، وَالْقَمَرُ حِينَ يَبْدُوَ بِعُرْجُونِهَا، وَيُشَبَّهُ الْخَلْقُ فِي تَمَامِهِ وَشَطَاطِهِ بِمَجَالِهَا، وَيُسَمَّى طَلْعُهَا الْكَافُورُ، وَجُمَّارُهَا الْإِغْرِيضُ - وَهُوَ الْفِضَّةُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَأْكُولِ أَنْظَفُ مِنْهَا. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ يَصِفُ نِسْوَةً: كَلَامُهُنَّ أَقْتَلُ مِنَ النَّبْلِ، وَأَوْقَعُ فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْوَبْلِ فِي الْمَحْلِ، وَفُرُوعُهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ فُرُوعِ النَّخْلِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
كَأَنَّ فُرُوعَهُنَّ بِكُلِّ رِيحٍ ... عَذَارَى بِالذَّوَائِبِ يَنْتَصِينَا
وَقَالَ الْعَرَجِيُّ:
[البحر الكامل]
حَوْرَاءُ يَمْنَعُهَا الْقِيَامُ - إِذَا ... قَعَدَتْ - تَمَامُ الْخَلْقِ وَالْبُهْرُ
⦗٧٢⦘
كَالْعِذْقِ فِي رَأْسِ الْكَثِيبِ نَمَا ... طُولًا وَمَالَ بِفَرْعِهِ الْوِقْرُ
وَقَالَ الْحَارِثُ الْمَخْزُومِيُّ:
[البحر الكامل]
كَالْعِذْقِ زَعْزَعَهُ رِيَاحٌ حَرْجَفٌ ... فَاهْتَزَّ بَعْدَ فُرُوعِهِ قِنْوَانُهُ
وَيُقَالُ فِي بُلُوغِ الْغَايَةِ فِي صَفَاءِ الشَّيْءِ وَلَيَانِهِ وَمُخِّهِ: مَا هُوَ إِلَّا جُمَّارَةٌ، وَكَأَنَّهُ جُمَّارَةُ النَّخْلِ، كَمَا قَالَ الْجُهَنِيُّ:
[البحر الرمل]
أَنْتُمُ جُمَّارَةٌ مِنْ هَاشِمٍ ... وَالْكَرَانِيفُ سِوَاكُمْ وَالْحَطَبُ
1 / 70