امیره ذات الهمه
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
ژانرها
بل إن ذات الهمة وجدتها فرصة سانحة من جانب العرب، بعد أن حصلوا على أسلحة أعدائهم، لكي يتجمعوا على شكل كتائب ويتدربوا على استخدامها إلى حين مواجهة أعدائهم ودحرهم.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل هي طالبت عيارها الجديد أبا محمد البطل، الذي أصبح ملازما لها كظلها في مقر قيادتها ومضاربها، بأسر مهندسي الروم وخبرائهم والعودة بهم أحياء.
وأسبغت عليهم مجزلة العطاء؛ لينكبوا في معسكرات العرب وورشهم على مواصلة تطوير أساليب الأسلحة الجديدة، وتعليم جيل بأكمله من علماء المسلمين ومهندسيهم وخبرائهم أسرار تلك الصناعة التي أصبحت تجلب للعرب والمسلمين النصر، وكان على رأسهم ابنها عبد الوهاب، الذي تفجر حماسة وبطولة منذ الصغر على وهج نيران المعارك والجهاد الضاري.
الخليفة المهدي يقلد عبد الوهاب الإمارة!
واصلت الأميرة ذات الهمة تقدمها وانتصاراتها بفتح المدن والثغور، يرافقها ابنها الصبي عبد الوهاب، الذي رأت فيه خير سند وصديق تحن إلى مشورته في الكثير من أمورها، وذلك لخبرته بفنون الحرب والقتال التي اكتسبها رغم حداثة سنه.
وكان عبد الوهاب قد أبدى اهتمامه المبكر بذلك، فمهدت له ذات الهمة كل إمكانات تعلم وإتقان أسرارها، فدفعت به إلى علماء ومهندسي الورش العربية وأسرى الحرب من مخترعي جيوش الأروام بأسلحتهم تلك الجديدة، وهم الذين عاد بهم عيارها الشاب أبو محمد البطال، فأصبحوا مصدر قوة لهم ضد الأروام. وبالفعل وجد عبد الوهاب في البطال مبتغاه، نظرا إلى ما يتمتع به البطال من ذكاء متوقد ورغبة جامحة في المغامرة، هدفها إحراز النصر للمسلمين على أعدائهم المتجمعين الطامعين من كل صوب.
خاصة وأن البطال شهد بعينيه كيفية تعذيب الأروام لوالده عند اجتياحهم مضاربهم ذات ليلة، تسللوا فيها خلسة وغدرا من البحر؛ إذ قطعوا رأسه عن جسده أمام عينيه الصغيرتين، ليعودوا به إلى كبرائهم وبطارقتهم مع غيرها من رءوس الشيوخ والأطفال والنساء العربيات.
ولم ينس أيضا كيف جرح هو حين لحقته نيرانهم ومفرقعاتهم النفطية، ومن يومها لم تفارق مخيلته ذكرى جثة أبيه الوادع بلا رأس وأطراف، وبقي متذكرا جرحه الدائم الذي أحرق نصف ساقه، فظل شهورا يكشف عنه بطرف سرواله تحسرا لكل من صادفه.
ومنذ تلك الليلة القاتمة السواد والبطال لا ينسى مدى الأخطار المحيطة به في عالم وحشي لا مكان فيه لمغلوب أو مقهور.
فتفجرت طاقاته في الإلمام بلغات الأعداء ورطاناتهم، وفي تغيير ملامحه، وفي المعرفة بأسلحتهم وخططهم ومسالكهم البحرية، واحتفالاتهم الموسمية وكرنفالاتهم الماجنة، وتجمعاتهم لاحتساء الخمر والسكر؛ ليفقدوا كل وعي وإحساس، فيسهل تصيدهم الواحد إثر الآخر، بل إن ما ساعد البطال حقا على اكتشاف قدراته ومهاراته منذ الصغر، خاصة عقب حادث استشهاد والده وأستاذه الأول «ثعلبة بن الحصين»، الذي سبق له إسداء كل معونة حققت الانتصار لذات الهمة.
صفحه نامشخص