امیره ذات الهمه
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
ژانرها
ولم يجد أمير المؤمنين منفذا سوى جمع وزرائه وقواده وطرح الأمر الغادر المستعجل، واتخاذ إجراءات وقرارات إعلان الجهاد والحرب.
بل إن الخليفة تذكر من فوره كلمات وتحذيرات الأميرة ذات الهمة، فأرسل من فوره في طلبها هي وعمها ظالم، وقادة بقية الأقوام من بني عامر وسليم وبني الوحيد؛ لمشاورتهم في الأمر وإعلان الجهاد.
وعقد الاجتماع المفاجئ الطارئ في مقر الخلافة دون أن تحضره ذات الهمة في البداية، لحين دخول كبير وزراء الخليفة «أبو أيوب» معلنا وصول الداهية.
وهنا تعلقت أنظار الجميع على مدخل القاعة الكبرى؛ حيث اندفعت ذات الهمة داخلة متعممة متشحة بزيها العسكري، متقدمة محيية أمير المؤمنين، الذي رحب بها مفسحا لها؛ كي تجلس إلى جانبه على مرأى من الجميع، حتى من ابن عمها الحارث الذي غرق من فوره في هواجسه، معانيا مما يعتمل في أعماقه من تلك العروس الهاربة.
وانتهى الاجتماع بإعلان الجهاد العاجل، فدقت طبول الحرب، وتحولت عاصمة الخلافة إلى خلية نحل لا تهدأ ليل نهار لإعداد الفيالق والكتائب، وصفوف الجند والسلاح، وشحن السفن الراسية، استعدادا للإقلاع والرحيل.
وتبدت على الفور شجاعة وحماس ذات الهمة في تلك الحملات التي بدأت بفك حصار «آمد» واجتياحها، وفك وثاق الأسرى، ثم التقدم إلى جزيرة مالطة، التي فيها امتد الحصار لشهور طويلة، نتيجة للتحصينات الهائلة التي بناها وشادها الأعداء، إلى أن اضطر الخليفة إلى إرسال حملات التعزيز والرسائل الشخصية لذات الهمة، التي بذلت شهورا متوالية كل جهد يعجز عنه أعلى الرجال شأنا.
وظل الحال على هذا المنوال إلى أن اندكت أسوار المدينة وحصونها وتم فتحها، وسمعت على الفور هتافات التهليل والتكبير بالجيش العربي القادم، من حناجر أفواه أسرى المسلمين المغلغلين في الأصفاد.
وهكذا تساقطت بقية الثغور الواحدة تلو الأخرى، وكانت كلما فتحت جزيرة أو ثغر - ميناء -
ورفضت ذات الهمة العروض التي تقدم بها الأمراء والقادة لإطلاق اسمها على ما يتم تحريره من مدن وجزر وقلاع.
بل هي آثرت إطلاق الأسماء العربية عليها، مثل: قلعة المنشار، وقلعة المنجية، وقلعة المشرفة وهكذا.
صفحه نامشخص